181لم تتم مهماتهم بالشكل المطلوب، لهذا السبب أو ذاك، ما عدا الرحالة الفنلندي «فالين» الذي تمكن من الدخول الى مكة فعلاً، دون أن يُحقق شيئاً ذا بال!
وفي هذا السياق؛ كان للتنبّؤ الذي أطلقه بيركهارت، حول احتمال انتهاء حكم الأتراك في الحجاز، أثره في إلهاب حماس طلائع المستعمر، وفتح شهيّة الأطماع للسيطرة على مناطق النفوذ، وهكذا رأينا تزاحمهم في المشرق الاسلامي، متذرّعين بشتى التبريرات. وقبل أن يمضي عامان على وفاة بيركهارت، وصلت بعثة من بومباي في الهند تنقل تهاني البريطانيين الى ابراهيم باشا بن محمد علي باشا لاستيلائه مع جيشه المصري على مركز الحركة الوهابية في الدرعية. وكان رئيس هذه البعثة رجلاً متكبراً عنيداً يفتقر الى الخيال، وهو من الضباط المتعجرفين، على حد قول بيتر برينت، وهذا الرجل يدعى الكابتن «سادلير reildaS » ، وقد أُعطي الصلاحية لابرام معاهدة صداقة وحلف مع ابراهيم باشا 1.
ولكن «سادلير» هذا أصبح أحد المستكشفين المتطوعين لبلاد العرب، وقد عبر شبه الجزيرة من الشرق الى الغرب، وربما كان أول أوروپي يقوم بمثل هذا العمل، ومع أنّ رحلته كانت في شهر تموز، إلّاأنه قد نجا من ويلات الصيف في الصحراء، بعد سقوط الأمطار غير الموسمية، ولم يذكر شيئاً عن الشعب. . وأما ملاحظاته الطبوغرافية، فمع أنها كانت قليلة ونادرة، إلّاأنها كانت دقيقة ومفيدة.
وبعد أن مرّ «سادلير» قرب المدينة المنورة التي كانت لا تسمح أن يدوس على أرضها وشوارعها رجل كافر، وصل أخيراً الى شواطئ البحر الأحمر قرب (ينبع) ، وعلى الرغم من مقدرته على الاحتمال ونشاطه إلّاأنّه لم يكن كفؤاً لابراهيم باشا دبلوماسياً.
وذلك لأنّ إبراهيم لم يكن بحاجة الى البريطانيين، وهكذا فقد فشلت البعثة في أهدافها الرئيسية، ولم يحدث أي