180ومن بلاد الكرج إلى بلاد بورنيو، تجعل جدّة مكاناً ممتازاً جدّاً للاوروبي المسافر المعني بجمع الأخبار وحب الاستطلاع. فهو بتقديمه المساعدة للحجاج الفقراء، وصرف مبالغ زهيدة لتجهيزهم بالمؤن، يمكنه أن يجتذب إليه عدداً كبيراً فيستطيع بهذه الوسيلة جمع معلومات كثيرة تختص بأبعد البلاد المعروفة في أفريقيا وآسيا. .» (32) .
وهذا غيض منشور للملإ. . . من فيض خفي ماتزال تحتفظ به أراشيف اللعبة الكبرى. . التي كان شرقنا الإسلامي، ومايزال، مسرحها العريض! !
ملاحظة بيركهارت تفتح شهيّة الأطماع
ظلّت ملاحظات «بيركهارت» عن الحرمين الشريفين مرجعاً مهماً، ويعتمد عليها من قبل المعنيين في الأوساط الأوروپية. ولم يتمكّن رحالة آخر من إضافة شيء مهم، وذي قيمة علمية، الى ما ذكره في كتابه (رحلات الى بلاد العرب) الذي صدر عام 1829م، أي بعد اثنتي عشرة سنة من وفاته. . . حتىٰ قيام الرحالة البريطاني «ريتشارد بورتون» برحلته الشهيرة التي وصفها في كتابه «الحج الى مكة والمدينة» ، إذ يُعدّ من أعظم المراجع عند الغربيين في موضوعه 1.
وما بين رحلة بيركهارت سنة 1814م، ورحلة برتون سنة 1853م. . أمست جزيرة العرب بشكل عام، والحجاز خاصة، مسرحاً لمغامرات عديدة قام بها دبلوماسيون وضباط وموظفون ومغامرون وجواسيس. ورغم الحشد من هؤلاء لم يبرز منهم سوىٰ بعض الأسماء التي ظلّت شبه مغمورة، دون أن يترك أيٌّ منهم أثراً ثقافيّاً مرموقاً، سوىٰ «فالين» الذي ترك يومياته وطبعت بعد وفاته.
ومن المثير أن نجد أغلب المحاولات الرامية للحج قد باءت بالفشل الذريع، وحتىٰ أولئك الذين تسنّىٰ لهم الوصول الى الديار المقدسة