170نعتقد - والكلام مايزال لبيركهارت - بأنّ هدايا المسلمين التي تجمعت في هذه البقعة، عبر القرون والأجيال، كانت تبلغ أكثر من هذا بكثير. ومن المحتمل جدّاً أن يكون حكّام المدينة الذين كانوا مستقلين، في كثير من الأحيان، وسدنة الضريح المقدّس أنفسهم، قد أخذوا الشيء الكثير مما كان يُهدىٰ بين حين وآخر، كما فعل علماء مكّة قبل ثلاثمئة سنة، حينما سرقوا مصابيح الذهب العائدة للكعبة ، وأخذوها إلى الخارج بين طيّات أردانهم، على مايقول المؤرخ قطب الدين، وقد أخذ طوسون باشا، عند مجيئه المدينة، يفتّش عن الأواني الذهبية التي بيعت في المدينة، فوجد قسماً منها وابتاعه من مالكيه بعشرة آلاف دولار، ثمّ أعاده إلى مكانه.
ثمّ يذكر بيركهارت أنّ فوق «الحجرة» قبة جميلة عالية الذرى، ترتفع فوق القباب الاُخرى، التي تكوّن السطح الممتد من فوق الأعمدة، وترى من مسافة بعيدة في المدينة. وحالما تلوح للزائرين من بعيد يبدأون بالصلاة وقراءة الأدعية.
وتغطى بالرصاص، كما يعلوها هي كرة غير صغيرة بالحجم وهلال كبير، وكلاهما يتوهج بذهبه. وقد صنعت الكرة والهلال في استانبول، بأمر من السلطان سليمان القانوني، أمّا القبة والحرم بأجمعه فقد بناهُ قايتباي سلطان مصر مابين سنتي 881 و 892ه.
وكان الوهابيون قد أغراهم بتهديم القبة الكبيرة الذهب اللماع، وتعاليمهم القاضية بتهديم القباب المقامة فوق القبور جميعاً، بما فيها قبة الرسول الأعظم، فحاولوا ذلك وابتغوا رفع الكرة والهلال، لكن متانة البناء، ووجود الغطاء الرصاص، جعل من الصعب عليهم تنفيذ مايريدون. ثمّ سقط اثنان منهم، بعد أن تزحلقا من فوق السطح الأملس، فتركت المحاولة وعُدّ ذلك من معجزات النبي.
وهناك على مقربة من ستائر الحجرة، وفي داخل محيطها قبر «ستّنا