46(الجهل) و (المعصية) و (التبعية للغرب والانبهار به) ، ويعتبر الأخير من أشدّ الظلمات «لأنّ جميع مشاكلنا ومصائبنا تكمن في أننا فقدنا أنفسنا، ونسينا مفاخرنا، وقضينا على كرامتنا واستقلالنا ووطنيتنا. كلّ هذه ظلمات، والطاغوت هو الذي أخرجنا من نور الاستقلال والوطنية والإبداع العلمي، إلى ظلمات التبعية والذيلية والشعور بالدونية» .
بيد أنّ أكبر هذه الظلمات وأحلكها وأخطرها هي ظلمة (الأنانية) لأنها «العدوّ الأسوء من كلّ الأعداء، والوثن الأكبر من كلّ الأوثان، بل هي اُمّ الأوثان، وما لم يحطِّم الإنسان هذا الوثن لا يمكن أن يُصبح إلهياً؛ لأنّه لا يمكن الجمع بين اللّٰه والوثن، وبين الإلهية والأنانيّة» .
ومن منطلق هذه الرؤية القرآنية الرائعة والمعاصرة لمعنى (الطاغوت) و (الوثن) و (الصنم) يمتزج البعد السياسي - الاجتماعي لفريضة الحجّ بالبعد النفسي - العرفاني؛ ليشهد الحجيج الآتون من كلّ فجّ عميق منافع على أصعدة متعدّدة، وساحات متنوّعة، وميادين شتّى.
إنّ هذا الالتحام الرائع بين أبعاد الحجّ وآفاقه لا يتحقق إلّابوعينا لأبعاد (الطاغوت) ومصاديقه، التي تمتدُّ من ميدان النفس إلى ميادين القتال والجهاد والنضال.
ومن هنا ندرك مقولة الإمام ومدى دلالاتها العميقة:
«إنّ البعد (السياسي - الاجتماعي) للحج لا يتحقق إلّابتحقق بعده (المعنوي - الإلهي)» !
ولهذا يدعو حجّاج بيت اللّٰه الحرام قائلاً:
«لتكن تلبياتكم تلبية لدعوة اللّٰه، وليكن إحرامكم من أجل الوصول إلى ساحة الحضور الإلهي. وأنتم تلبّون ارفضوا الشرك بجميع مراتبه، وهاجروا من ذواتكم التي هي مصدر الشرك الأكبر إلى اللّٰه عزّوجلّ» .