136وعقيدةً ومذهباً وطريقاً، لا على مستوى الفكر فحسب، بل على المستوى العملي أيضاً. فأفراد الأمة الواحدة - من أي لون أو دم أوأرض أو عرق كانوا - يفكرون بطريقة واحدة، ولهم إيمان مشترك واحد، ويتحركون بإتّجاه مثل أعلى واحد يكملون فيه ويتكاملون، ويخضعون لقيادة سياسية واجتماعية واحدة. والأمة بهذا المعنى هي الأمة الاسلامية. والملفت أنّ الامام قلّما استخدم هذا المصطلح في كتاباته وخطبه ومحاضراته، غير أنه استخدم - بكثافة ملحوظة - مصطلحات متعددة مثل: الناس، المسلمون، المستضعفون، المظلومون، المحرومون، الجماهير، أهل السوق والشارع والعامل والفلاح والطالب والجميع. . . الخ، وذلك بذات دلالات مصطلح «الأمة» الذي اعتبره السيد محمد باقر الصدر مرادفاً لمصطلح «المجتمع» . إلّاأنّ الامام في استخدامه بعض هذه المصطلحات كان يتجاوز - غالباً - الدلالات التي يحتملها مصطلح الأمة الاسلامية/المجتمع الاسلامي بما هو مصطلح مخصوص بالمسلمين؛ ليضيف إليها بعداً أشمل ودلالة أعم، لتضم الانسانية بأجمعها، خاصة في مصطلحات مثل:
«المستضعفون» ، «المظلومون» ، «المحرومون» ، «الناس» ، وذلك وفاق ما يقتضيه الموضوع ومقدماته في الشأن الذي يخوض فيه.
حيال هذا التعدد المصطلحي، في نصوص الامام، لا يلمس الباحث أي تعثّر أو تداخل أو غموض في المفاهيم يمكن للتعدد أن يقود إليها، كما هي الحال عند كثير من المفكرين المرموقين.
فحركة فكر الامام تبقى على الدوام منضبطة في سياق ثوابت المشروع الإسلامي الذي يضطلع بحمله، ومنبثقة من نظرته الكونية التوحيدية ، بما هو هاد الى أهداف دينامية متعددة تلتقي في هدف واحد كلّي، وبما هو محدد لمنهج تحقيقها، فالهدف الكلّي هو إقامة حكم اللّٰه في الأرض، بنموذجه الحضاري الالهي ولوازمه وأحكامه العادلة، باعتبارها بسطاً للعدالة الالهية بين الناس، واجلالاً للنظام الالهي في