135وأزمات الوضع الاسلامي العام بالمستوىٰ الذي كان معنيّاً بالوضع السياسي لبلده الأم دون أن يغفل هموم المستضعفين في إطارها الانساني الواسع.
الحديث غير المألوف
قد يحلو للبعض الحديث عن الامام الخميني والمشروع الحضاري الاسلامي وكأنه حديث كما المألوف في الأنماط المشابهة عن منظِّر ونظريته، أو منظِّر ونظريّة، مما يقتضي - بالتالي - طرح موضوع بات من قبيل لوازم الفكر السياسي المستهلك، وتداعيات العلاقة بين الفكر والواقع، وهو موضوع:
النظرية والتطبيق.
فمن التعسّف اعتبار الامام «منظِّراً» بالمعنى الرائج للمصطلح، «فالنظرية» فعل إنساني و «التنظير» من شأن البشر.
أما في الإلهي فثمة أحكام وشرائع وأوامر ونواهي وسنن لا مجال للشك في صحتها ومصداقيتها وخيرها لمصلحة المستخلف البشري على الأرض. وأهم من ذلك كلّه أن الإخلال بها والنكوص عنها مستوجب لاعباء ومسؤوليات وعقوبات موصوفة في الدنيا والآخرة.
وفي هذا السياق؛ لم يعرف التاريخ الاسلامي، بعد الأئمة، قائداً ومفجراً لثورة، تحققت أم لم تتحقق، برؤية ثاقبة مهدية وهادية بالمستوى الذي تجلّت فيه رؤية الامام الخميني. وليس هذا الحكم إسقاطاً عاطفياً، ولا صادراً عن حالة ولاء شخصانية، كما يقول د. سمير سليمان. ففكر الامام وسيرة جهاده الطويل، ومسيرته العملية والسياسية والشخصية، هي بذاتها تحدٍّ كبير للباحثين الموضوعيين، فليسبروا أغوار هذا الرجل التاريخي، ولو كانوا في موقع الخصم الايدولوجي.
وإذا كان إيمان الامام بمصداقيّة و عقيدة المشروع الذي استنقذه، وبحتميّة تحقيق أهدافه، وصوابيّة الدعوة إليه، جزءاً لا يتجزّأ من إيمانه المطلق بمصدر المشروعومبدئه وأصله، ويقينه بخيريته المطلقة، فإنّذلك الايمان صادر - أيضاً - عن إيمان بأهل هذا المشروع وعشيرته وقابليات الأمة التي تحتضنه، بما هي مجتمع انساني متحرّك متحد فكراً