132التي توفرت عليها شخصية الامام الراحل تتجلىٰ في المجال العرفاني الذي انطوت عليه شخصية الامام الراحل، والذي برز في طريقة تفكيره ونظرته لمختلف قضايا الحياة. وفي المجال الفلسفي الذي أظهر الامام براعة ودقة في التعامل معه والتعرّف على دقائق مباحثه العقلية والنظرية، وفي المجال السياسي الحركي الذي أفصح الامام عن قدرة خاصة على الخوض فيه واستيعاب متطلبات التحرك في أجوائه.
وبالقدر الذي تلاحمت فيه هذه الأبعاد الثلاثة والتصقت بشخصية الامام الراحل رحمه الله، فإنّ من العسير، إنْ لم يكن من المستحيل، التعرّف علىٰ شخصية الامام الخميني ووعي منهجه في التغيير الاجتماعي والديني الذي تمثله في فلسفته السياسية العملية، من دون الإحاطة بهذه الأبعاد الثلاثة من شخصيته؛ ومن هنا نرىٰ - كما يقول باحث جاد - أنّ خطأً يمكن أن يتعرّض له أي باحث يستهدف دراسة فكر وتجربة الامام الخميني في المجال السياسي بعيداً عن التعرّف التام وبشكل مسبق على رؤيته العرفانية ورؤيته الفلسفية.
ومهما يكن من أمر، فإنّ المجال السياسي، الذي تحرّك الامام الخميني في أجوائه، لم يكن ينطلق فيه بلا استناد الى رؤية واضحة لمتطلبات التغيير الاجتماعي، بل على العكس من ذلك، فإنّ الممارسة السياسية التي تمثلها الامام الراحل تفصح، بما لا يقبل الشك، عن أسس متينة، ومبادئ انسانية وإسلامية شاملة ومستوعبة، كانت تنطلق منها هذه الممارسة، بمختلف صورها ومراحلها.
وتأسيساً على ذلك؛ قد يكون الحديث عن الخط الفكري السياسي للامام الخميني، بصورة شاملة، متعسّراً أو متعذراً، في مقال محدود؛ لأنّ المجالات التي تحدّث عنها، أو خاض فيها، أو حارب من أجلها ليست محصورة في حدود معينة، أو دوائر ضيّقة، بل كانت تتسع للعالم كلّه، في دائرة الاسلام كلّه، لأنه كان ينطلق في عمق فلسفته العرفانية إلى اللّٰه في أوسع