54الكثيرة حول الحج ومعالمه وفلسفته وتأريخه، وشكله ومضمونه وترامي أبعاده وعمق عرفانه، وتجلية الجانب العبادي فيه.
الحجّ في سيرة أهل البيت عليهم السلام ونصوصهم
لقد تميّز الحج في سيرة أهل البيت عليهم السلام العملية، وتميّزت سيرتهم في مجال الاهتمام بالحجّ حتى ورد أنّ عبّاداً البصري لقي الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام في طريق مكة فقال له: يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصُعوبته، وأقبلت على الحجّ ولينه إنّ اللّٰه عزّوجلّ يقول: إنّ اللّٰه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل اللّٰه. . . ؟ !
فقال علي بن الحسين عليه السلام: أتمّ الآية. فقال: التائبون العابدون. . . الآية. فقال علي بن الحسين عليه السلام: إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم، فالجهاد معهم أفضل من الحجّ 1. أو قال: إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئاً 2.
وقد حجّ الإمام الحسن السبط خمساً وعشرين حجّة ماشياً علىٰ قدميه، وكانت النجائب تقاد بين يديه. وسُئل عن كثرة حجّه ماشياً فأجاب: إنّي أستحي من ربّي أن لا أمضي إلى بيته ماشياً على قدمي 3.
ونقل مثل هذا عن الإمام أبي عبداللّٰه الحسين عليه السلام أيضاً 4.
وأمّا زين العابدين (علي بن الحسين عليه السلام) فقد كان ملازماً للحج منذ صغره، وكان يحجّ ماشياً وراكباً، وكان يدعو إلى تكريم الحجّاج إذا قدموا من بيت اللّٰه الحرام قائلاً:
استبشروا بالحجّاج إذا قدموا وصافحوهم وعظّموهم، تشاركوهم في الأجر قبل أن تخالطهم الذنوب 5.
وكان إذا أراد السفر إلى بيت اللّٰه الحرام احتفّ به القرّاء والعلماء، حيث إنهم كانوا يكتسبون منه العلم والعرفان والحِكم والآداب حتى قال سعيد بن المسيّب: إنّ القرّاء كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن