55الحسين، فخرج وخرجنا معه ألف راكب 1.
وكان يهتم عليه السلام بسنن الحج بشكل كبير، ويُقبل على اللّٰه تعالىٰ بكلّ إخلاص وخشية حتى إنه كان إذا أراد التلبية عند عقد الإحرام اصفر لونه واضطرب، ولم يستطع أن يلبّي، فقيل له: مالَكَ لا تُلبي؟ فيجيب وقد أخذته الرعدة والفزع من اللّٰه: أخشىٰ أن أقول: لبيك فيقال لي: لا لبّيك.
وكان إذا لبّىٰ غشي عليه من كثرة خشيته من اللّٰه، وسقط من راحلته، ولاتزال تعتريه هذه الحالة حتى يقضي حجّه 2.
وهناك ظاهرتان مهمّتان في سيرة أهل البيت عليهم السلام في حجّهم:
الاُولىٰ: ظاهرة كثرة الدعاء وشدّة الإقبال على اللّٰه تعالى بالأدعية الطويلة الزاخرة بالمفاهيم التربوية والمعرفية العالية مثل دعاء الإمام الحسين عليه السلام المعروف بدعاء عرفة، ولعلّه أطول دعاء من نوعه، ويناظره دعاء الإمام زين العابدين في الصحيفة السجّادية الخاص بيوم عرفة أيضاً.
قال بشر وبشير الأسديان: كنّا مع الحسين بن علي عليهما السلام عشية عرفة فخرج عليه السلام من فسطاطه متذللاً خاشعاً، فجعل يمشي هوناً هوناً حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل مستقبل البيت، ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين وقال:
«الحمد للّٰهالذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع. . .
وممّا قال بعد أن دعا طويلاً وكانت دموعه قد جرت على سحنات وجهه الشريف:
«اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك، واسعدني بتقواك ولا تشقني بمعصيتك وخر لي في قضائك وبارك لي في قدرك، حتى لا أحبّ تعجيل ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت، اللهم اجعل غناي في نفسي واليقين في قلبي والاخلاص في عملي. . .
الثانية: ظاهرة العرفان العميق