256السكانية الاوروپية الواسعة، أحياناً، في الشرق، فإنّ مفهوم «المصلحة» يكتسب قدراً كبيراً من المعنى. ولقد أصبحت هذه المصالح تُحمىٰ، فيما بعد، بحماسة شديدة ونفقات عالية (6) .
ومن هنا، لسنا بحاجة إلى التأكيد على أنّ الطابع السياسي العسكري قد غلب على مجمل العلاقات البريطانية مع الشرق، والذي تُوّج بالغزو العسكري الاستعماري، بعد أن مثّل مستشرقو بريطاينا طليعة هذا الغزو وجهاز الرصد والاستطلاع لنجاحه. وكان معظم هؤلاء المستشرقين - إن لم نقل جميعهم - قد تخرجوا من المعاهد البريطانية ومؤسساتها، للقيام بهذه المهمة الدبلوماسية تحت ستار العلم والاكتشاف (7) .
ويأتي في مقدمة المعاهد البريطانية، التي خدمت المصالح البريطانية في الشرق صرحان أكاديميان هما: جامعة أكسفورد التي يعود تأسيسها إلى القرن الثاني عشر الميلادي، وجامعة كمبردج التي تأسست سنة 1257م.
وفيما يتعلّق الأمر بالجامعة الأخيرة، لأنّ بيركهارت، أحد أبرز خريجيها، فلقد كانت أوّل ماأسست كرسيّاً للدراسات العربية في بريطانيا، وكان ذلك سنة 1632، بفعل «السير توماس آدامز» الذي كان من كبار تجّار الجوخ في بريطانيا.
وطبيعي أن لا يكون الهدف «العلمي الصافي» هدفاً أساسياً وراء هذا التأسيس، بل يتجاوزه إلى الناحية التجارية ثمّ السياسية والعسكرية أيضاً. وهذا ماعبّر عنه بكلّ وضوح، دون أي لبس أو غموض، أوّل استاذ قام بترأّس كرسي للدراسات العربية في جامعة كمبردج، وهو «ابراهام ويلوك» في رسالة موجهة إلى مؤسسها «آدامز» بقوله: «إنّها لا تهدف فقط تنشيط الآداب ونشر المعرفة، ولكن أيضاً لخدمة الملك والدولة في مجال التجارة مع البلدان الشرقية، وتوسيع آفاق