245علىٰ عبداللّٰه خصمهم علىٰ أن يفي بنذره ويضحي بولده المذكور، ولما عرفت قريش منه الجد في ذلك اجتمعت عليه؛ لتصرفه عن هذا الأمر، لئلا يصبح سنة بين العرب، واقترحوا عليه أن يأخذ مائة من الإبل ويقرع بينها وبين عبداللّٰه، ففعل ذلك ثلاث مرات فجاءت القرعة في كلّ مرّة على الإبل فنحرها وتركها للناس، فتواثبوا عليها من كلّ جانب. ويذكر أن دية القتل لهذا أصبحت مئة من الإبل 1.
حادثة الفيل
ومن الأمور التي حدثت أثناء زعامة عبدالمطلب وأعطته دفعة معنوية، وجعلت الناس تكنّ له الاحترام وتهابه؛ قصة الفيل التي ذكرها القرآن الكريم في سورة الفيل ( أَلم ترَ كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل * أَلم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيراً أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصفٍ مأكول) .
وخلاصة القصة التي ذكرتها جميع التفاسير وكتب التاريخ المطولة والمختصرة هي: أنّ إبرهة الأشرم أحد قواد النجاشي الحبشي العظام، لما فتح اليمن بنىٰ كنيسة كبيرة أراد بها أن يصرف العرب عن حجّ مكة إليها. فتغوط بعض العرب فيها، وقيل هدموا بعض جدرانها بقصد الإهانة، فعزم إبرهة أن يسير إلىٰ مكة فيهدمها.
وإنّ مقدمات إبرهة أصابت نعماً لقريش، فأصابت فيها مائتي بعير لعبدالمطلب، فاستأذن عبدالمطلب الملك، فلما رآه أكرمه ونزل من سريره وجلس بجنبه، ثم قال له: ما حاجتك؟ قال: حاجتي أن تردَّ إلي إبلي فاستصغره الملك، فأجابه عبدالمطلب: أنا اُكلمك أيّها الملك في مالي، ولهذا البيت ربٌ يحميه فراع ذلك الملك.
وإنّ عبدالمطلب أمر قريشاً أن يخرجوا إلىٰ رؤوس الجبال، بعد أن قالوا: لا طاقة اليوم لنا بأبرهة وجيشه، بينما التجأ عبدالمطلب إلى الكعبة وهو يدعو:
لا هم أن المرء يمنع رحلهُ فامنع جلالك.
لا يغلبوا بضيلبهم ومحالهم عدواً محالك.