246فأظهر من الجلد والشجاعة والثقة باللّٰه ما لم يظهره أحد غيره، فكان لهذا أثره البالغ عند عامة العرب، وتضاعفت ثقتهم بهِ فاتسعت زعامته في خارج مكة، بعد أن رأوا مكر اللّٰه بأبرهة وجيشه وفيله، وهي لا تلوي علىٰ شيء، فارةً مذعورةً، والطير وراءها يسقط عليهم تلك الأحجار فأين ما وقعت قتلت صاحبها، وآخر من قتل ابرهة علىٰ مشارف اليمن فانشقت بطنه فإلى لعنة اللّٰه 1.
ومن مفاخر عبدالمطلب أنه من القلائل، الذين أقروا بالتوحيد وتركوا عبادة الأوثان، وبقي علىٰ دين ابراهيم عليه السلام 2.
وكذلك حضانته لرسول الإنسانية حتىٰ كان يقدمه علىٰ أولاده. وبالرغم من وجود أمّه وانصرافها إليه، فلقد أصبح الشغل الوحيد لعبدالمطلب وأعزّ شيء لديه، وأوكل امر إرضاعه إلىٰ جارية لولده أبي لهب تدعىٰ ثويبه، وضمّ اليه اليتيم وأمّه، ثم رأىٰ أن يرسل حفيده إلىٰ بادية سعد؛ ليرضع هناك وينشأ، ويتعلم في البادية النطق بالكلمات كما كانت عادة الأشراف في مكة. وكان عبدالمطلب قد تعود أن يستظل نهاراً بالكعبة علىٰ فراش مرتفع يحيط به ولده وأشراف مكة، فيأتي محمد صلى الله عليه و آله وهو غلام صغير فيثب على فراش جده، فيأخذه أعمامه ليصرفوه عنه فيقول لهم: دعوه إنّ لابني هذا شأناً عظيماً 3.
وعند وفاته أوصىٰ عبدالمطلب إلى ابنه الزبير بالحكومة وأمر الكعبة، وإلىٰ أبي طالب برسول اللّٰه وسقاية زمزم وقال له: قد خلفت في أيديكم الشرف العظيم الذي تطأون به رقاب العرب.
وروي عن رسول اللّٰه أنّه قال: إنّ اللّٰه يبعث جدي عبدالمطلب أمّة واحدة في هيئة الأنبياء وزي الملوك.
فكفل رسول اللّٰه بعد وفاة عبدالمطلب أبو طالب عمُّه فكان خير كافل، وكان أبو طالب سيداً شريفاً مطاعاً مهيباً رغم إملاقه.
قال علي بن أبي طالب عليه السلام أبي ساد فقيراً وما ساد فقير قبله 4.