238قصي. وكثر ماله وعظم شرفه، ولما هلك حليل أوصىٰ بولاية البيت لابنته حبىٰ.
فقالت: إني لا أقدر علىٰ فتح الباب وإغلاقه، فجعل فتح الباب إلىٰ ابنه المحترش، فاشترىٰ قصي منه ولاية البيت بزق خمر وبعود فضربت العرب المثل فقالت:
أخسر صفقة من أبي غبشان. وقيل: أحليل من حبشة أوصىٰ قصياً بذلك، وقال:
أنت أحق بولاية البيت من خزاعة. عندها جمع قومه وأرسل إلىٰ أخيه من فضاعة يستنصره، فحضر فضاعة في الموسم. وكانت صوفة تدفع بالناس من عرفات وتجيزهم إذا تفرقوا من منىٰ. فأتاهم قصي ومن معه من قومه ومن فضاعة فمنعهم وقال: نحن أولىٰ بهذا منكم، فقاتلوه وقاتلهم قتالاً شديداً فانهزمت صوفة، وغلبهم قصي. فانحازت خزاعة بعد أن عرفت أنه سيمنعهم كما منع صوفة، وكثر القتال بين خزاعة وبني بكر من طرف وقصي وفضاعة من طرف آخر. ثم تداعوا الى الصلح، علىٰ أن يحكموا بينهم عمرو بن عوف بن كعب بن ليث من كنانة، فقضىٰ بينهم بأن قصياً أولى بالبيت من خزاعة، وإنّ كلّ دم أصابه من خزاعة وبني بكر موضوع يشدخه تحت قدميه، وإنّ كلّ دم أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وبني كنانة ففي ذلك الدية مؤداة 1.
زعامة قريش
الزعيم الأول قصي:
تولىٰ قصي الزعامة بعد أن حكم له عمرو بن عوف بالأحقية في ولاية البيت، وهو أول رئيس. ووردت الأخبار أنه لمّ شعث قومه وجمعهم من الأودية والشعاب والجبال إلىٰ مكة، وابتنىٰ مقر رئاسته وسمي دار الندوة، يجتمع فيه أعيان قريش ويقررن ما شاءُوا من الأحكام في أمور السلم والحرب، فكان يشبه المجلس النيابي أو مجلس الشورىٰ. وسنّ تشريعات جديدة تقضي بعدم أحقية من لم يبلغ الأربعين من السنين أن يدخل هذه الدار. وكلما توسعت مكة وكثر سكانها وروادها