224المجال؟ ! فقد ورد عن الباقر عليه السلام 1: «لا زال الدين قائماً ما قامت الكعبة» وعن أبي عبداللّٰه عليه السلام: «الحجّ أفضل من الصلاة والصيام» .
وإنّ القرآن الكريم قرن ترك الحج بالكفر إذ قال تعالىٰ: ( وللّٰه على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً ومَن كفر فإنّ اللّٰه غنيّ عن العالمين) 2وغير هذا كثير.
وإذا ثبت هذا عند ذلك نقول: إنَّ زعامة مكة بدأت بآدم عليه السلام وبأوصيائه من بعده، إلىٰ أن دبّ الفساد في بني آدم، عند ذلك هجروا الكعبة. وبقيت مهجورةً من زمن نوح عليه السلام بعد الطوفان، من غير زعامة ولا سكن إلىٰ أن جاء إبراهيم عليه السلام فأعاد بناءها وجدّد مناسكها. وظهر ماء زمزم فيها، ثم بقيت قائمةً شامخةً تهوي إليها أفئدةٌ من الناس إلىٰ يومنا هذا.
الأهمية المعنوية
ولعلّها الأهم في هذا الباب؛ لأنّها الدافع الأول للتنافس علىٰ زعامتها، ولأنّ غالباً ما تمتد الزعامة المعنوية إلىٰ أبعد من مكة والجزيرة، لتشمل العالم كلّه.
ولأهمية زعامتها هذه نجد كثيراً من الأحيان أن يتقاسم هذه الزعامة مجموعة من الوجوه أو القبائل، كلّ له جانب من جوانب تلك الزعامة، وسميت بأسماء بقيت موضع فخر لمن حاز طرفاً من تلك الزعامة، وأحياناً يزداد عدد الزعماء والمهام، فيتألف بذلك نظام حكومي أشبه ما يكون بالجمهوريات المعاصرة.
وتعود أهمية مكة المعنوية إلى كونها المنطلق الأول للبناء التكويني للحضارة الإنسانية، وكذلك البناء التشريعي حيث عرف الإنسان أول الشرائع علىٰ يد آدم عليه السلام في مكة المكرمة. واُضيفت إليها تشريعات جديدة كلما تجددت الحياة.
وعندما تحرك الإنسان من هذه الأرض حمل معه ميراثه من هذه الشرائع. إلّاأنّه للأسف الشديد عمد إلى تغييرها وتحريفها، تدفعهُ إلىٰ ذلك المصالح الشخصية والأهواء النفسية. ومع ذلك بقيت مكة محط أنظار العالم تنطلق منها بين الفينة