223غيرهم من الناس، وحال ما ورد من كلامهم الخالي عن التناقض حال كلامهم المشتمل على التناقض، وبالجملة لا موجب لطرح رواية أو روايات إلّاإذا خالفت الكتاب والسنة القطعية، أو لاحت منها لوائح الكذب والجعل» 1.
ويمكن إضافة بعض المرجحات التي تدعم هذا الرأي:
المرجح الأول: ما جاء في الكتاب العزيز عند قوله تعالىٰ علىٰ لسان إبراهيم عليه السلام: ( ربّنا إنّي أسكنتُ من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم) 2فقول إبراهيم عليه السلام عند بيتك المحرم يدل علىٰ أنّ البيت كان قبل ذلك، إلّا أنّه دخل عليه الخراب. نعم هناك توجيهات اُخر للآية كأن يقال: إنّ كلام إبراهيم عليه السلام هذا كان آخر عمره بعد بنائه للبيت الحرام. وبعدما سكنته جرهم.
وهذا يمنعه أن يكون دليلاً، ولا يمنعه أن يكون مرجحاً. وكذلك الكلام في قوله تعالىٰ: ( إنّ أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة) 3فيمكن حمل الأول علىٰ أقدم بيت وضع للعبادة في عصر آدم عليه السلام لا كونه أقدم من القدس كما في بعض التفاسير.
المرجح الثاني: ما ورد في خطبة القاصعة في نهج البلاغة 4. قال أمير المؤمنين: (أَلا ترون أنّ اللّٰه سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم (صلوات اللّٰه عليه) الى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضرّ ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياماً؟) وفيه صراحة أن البيت وضع من لدن آدم عليه السلام.
المرجح الثالث: مرجح عقلي، وهو أنّ اللّٰه سبحانه وتعالىٰ بعد إخراج آدم من الجنة. لايعقل أنيتركه منغير أن يعلمه مراسم عبادية تناسب موقعه الجديد حتىٰ يأنس بها ويروي غريزة العبودية للّٰهتعالىٰ. وعلىٰ قول الشهيد الصدر رضوان اللّٰه عليه: 5إنّ العبادة حاجة إنسانية ثابتة في نفس الإنسان في جانبها الحسي المعنوي.
والقبلة والحج من أبرز المظاهر العبادية الحسية والمعنوية. فما المانع أن يكون البيت الحرامولدمعآدم عليه السلام ليلبي تلك الحاجة. ونحن نعلم ما للحج من فضيلة وأثر في هذا