212ولمّا ذهب الحجّاج المساكين ليأخذوا قسطاً من الراحة، عَلَتْ أصوات تقول:
لصوص، لصوص. لقد سرق اللّصوص اِبّالة من حِمْل حسن خان نامي من أهالي شيراز، وأراد أن يُظهر شيرازيّته هُنا إذْ خرج في منتصف الليل يقفو أثر اللّصّ فضُرِبَ علىٰ اُمّ رأسه بالنّبوة وعادَ ورأسه كان مشدوخاً. وقد تبيّن أنَّ اللّصوص قد سرقوا الكيس الذي كان فيه مقدار من الرّز والطحين مع صُرّة ثيابه. وأمّا ما بقي له فهو رأسه المكسور.
ولأننا قد وصلنا إلى المنزل بسرعة، وبعد مضيّ ساعة علىٰ طلوع الشمس، تحرّكنا من منزل (بئر الشيخ) وبدأنا في السّير.
إنَّ صحراء اليوم عبارة عن أرض مُنبسطة لا ماء فيها ولا كلأ. إنَّ هذين المنزلَين، أي بئر الحسان وبئر الشيخ، لا يوجد فيهما ماءٌ حَسَن، فطعمه غير مُستساغ، وهو مالح المذاق كأنّه يحتوي على الزرنيخ. والمنازل التي في طريق مكة المشرفة كلّها كانت فيها مياه، وكان الماء فيها عذب طيّب. فلا معنى لأيعاقل يسلك غير هذا الطريق ويترك العسكر، ويُسلّم عقله إلى الجمّال. ما أُريدُ قوله: إنَّ الأسف والنّدم على الماضي لا يؤدّي إلىٰ نتيجة. إنَّ الظنَّ باللّٰه المتعال هو أن تَنْقَضيَ الأيام القليلة الباقية بسلام كذلك.
مضت أربع ساعات من يوم الاثنين، الرابع والعشرين من محرّم، وصلنا إلىٰ منزل (مستورة) . وانفصلت قافلة هندية قبل ساعتين أو ثلاث عن الحجاج الفُرس حتىٰ وصلنا. وارتفع صوتٌ من جهة الهنود. فعُلِمَ أنَّ الصندوق الذي يحتوي على الأوراق والمستندات وسبعمئة ريال فرنسي قد سُرِق.
الهواء في هذه الليلة بارد بحيث يميل المرء فيه إلى ارتداء اللّباس وإشعال النّار.
بعض الاشخاص من أمثال الشريف وأخيه وكامل افندي وبضعة افراد آخرين، ومنذ رحيل السّيد حسام السلطنة هُم في خيمة الخَدَم. من الليل حتى الصباح هم مشغولون بشُرب الشّاي والشّيشة. وهناك أفراد يتناوبون في الحراسة. وقرّروا في