١٠۵مشترك لفظي وضع بوضعين، لهذا يحتاج إلىٰ دليل؛ لكي يعين لنا المراد منه: الفور أو التراخي.
- بينما ذهب فريق ثالث إلىٰ أن الفعل المطلق أي الأمر ليس فيه دلالة على الفورية ولا على التراخي، بل كلّ ما فيه هو دلالته علىٰ مطلق الفعل أي علىٰ طلب حقيقته أو طبيعته ومن غير فهم شيء من الأوقات والأزمان ١. . وأن كلاًّ من الفور والتراخي أمران خارجيان عن تلك الطبيعة، أو أن الفور والتراخي من صفاته، التي هي صفات متقابلة، فلا دلالة له عليهما؛ لأن الموصوف بالصفات المتقابلة لا يدل علىٰ واحد معين منها.
هذه خلاصة الآراء الثلاثة، والأقوىٰ فيها والمشهور الثالث الذي عليه أكثر العلماء ومنهم صاحب الشرائع المحقق الحلي، والعلّامة الحلي وصاحب المعالم وغيرهم ٢.
أدلة القائلين بالفورية:
لقد وجدتُ أن هناك أدلة مشتركة بين الإمامية وباقي المذاهب الإسلامية الأخرىٰ نكتفي بها ونوجزها وأجوبتها بما يلي:
* إنّ اللّٰه سبحانه وتعالىٰ ذم إبليس حينما امتنع عن السجود لآدم عليه السلام بقوله: ( . . . ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) ٣. فلو لم يكن الأمر للفور لما استحق إبليس الذم.
والجواب: أن هذا الأمر بالسجود لم يكن بذاته يدل على الفور، وإنما لتقيّد الأمر بالوقت المحدّد وهو قوله تعالىٰ: ( فإذا سويتُه ونفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين) ۴. كما فيه قرينتان أُخريان تدلان على الفور، إحداهما:
الفاء في قوله فقعوا، والفاء لغة تفيد التعقيب، والثانية: فعل الأمر نفسه:
فقعوا له ساجدين، فالفعل اذن لا يدل بذاته في الآية: ( ما منعك ألّا تجسد إذ أمرتك) على الفورية بل بالقرائن وبالتالي فالآية لا تصلح دليلاً على الفور.
* قوله سبحانه وتعالىٰ: