106( وسارعوا إلىٰ مغفرة من ربّكم) 1.
فالمغفرة فعل اللّٰه تعالىٰ، والمراد إيجاد سببها، إتيان الواجبات وترك المحرمات وعلىٰ قول: المسارعة بالتوبة والندامة التي هي واجبة بحكم العقل، وليس المراد منها الأفعال الخارجية من الواجبات والمستحبات 2فتجب المسارعة والتعجيل إلىٰ فعل المأمور به وهو سبب المغفرة، وتتحقق هذه المسارعة وتصدق إذا اتصفت بالفورية.
والجواب: أن هذه الآية لا تعين على الفورية أبداً، وإنما تدل على التراخي؛ لأن المسارعة لا تتحقق ولا تصدق إلّاإذا كان الوقت موسعاً أو كان هناك مستحب، أما إذا كان هناك واجب وبالذات إذا كان مضيقاً فلا تتصور المسارعة وفضلها، وإنما هو امتثال لابدّ منه، وليس فيه اختيار ومبادرة يوجب الثناء والمدح.
* بما أن النهي طلب ويفيد الفور، فأيضاً الأمر طلب مثله وبالتالي يفيد الفورية. إضافةً إلىٰ أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده «كما في صلِّ معناه لا تترك الصلاة» ، وبما أن النهي يفيد الفورية وهذا من المسلمات، كما في لا تسرق، فالأمر أيضاً - قياساً - يقتضي الفورية.
الجواب: صحيح أن النهي يفيد الفور وإلا يفقد غرضه وهو دفع المفسدة. ولكن قياس الأمر عليه قياس مع الفارق، حيث إنّ الأمر لا يفيد التكرار هذا أولاً. وإنّ القياس خاصة في باب اللغة باطل ثانياً، وثالثاً أن النهي يفيد الفورية إذا كان مستقلاً كما في «لا تغتب» بعكس النهي الوارد في ضمن الأمر الذي لم تثبت الفورية له، وبالتالي فالنهي تابع له.
ثمّ هناك فرق بين الأمر المقيد والأمر المطلق، فإن المولىٰ إذا قال لعبده: «اسقني الماء» فإن هذا مقيد بالحاجة إلىٰ شرب الماء، التي لا تتحمل التأخير، أو قال له: افعل الشيء الفلاني الآن، فتجب المبادرة من المكلّف إلىٰ أن يمتثل كلاًّ منهما، فهذا حال الفعل المقيد. أما المطلق مثل