222الاخماس والنذور وأشكال كثيرة أخرى على توفير الاستطاعة لمن لم يكن قادراً عليها.
ثم لو أن المسلمين قد تواصوا بأداء الفريضة وأصبح الفقير يعتقد أن له نصيباً لازداد حباً للغني وتقديراً له، وإنك إذا دخلت قرية من قرى أهل السنة - أنا لا أعرف الوضع في ايران - فستجد أنه لا يحجّ في قرى أهل السنة إلّاالأغنياء، فتكون نظرات الفقراء إليهم كأنها نظرات مجتمع منفصل عن أهل هذه القرية، وكأن الأمر يصدق عليه أنه لكم دين يا أصحاب القدرة ونحن المساكين الذين لا نقدر على الحج لنا دينٌ آخر. وكأن الحج للأغنياء.
ولهذا أنا في خطبة يوم الجمعة في قريتي وكانت في شهر رمضان وكان بعض الاغنياء يتجهزون للحج، والعادات في الصعيد أن المتجهز يجلس في بيته يوم الجمعة ليزوره الناس، فيكون معروفاً انه يريد الحج، فكنت أرى نظرات الكادحين والمستضعفين ترمق هؤلاء كما لو كانت تقول لهم:
هؤلاء عالم ثاني، فجعلت الخطبة في أن من استشعر أنه ينظر الى الكعبة وهو يصلي فقد حجّ، ما دام قد عجز عن أسباب الحج. فزيدوا من تصوركم للكعبة، أقول ذلك بعاطفة لتسلية هؤلاء الكادحين، فقام لي أحد المستضعفين فأخجلني بقوله: كيف أتصورها وأنا ما شفتها عايز اشوفه عشان أتصورها بصلاتي.
لا إله الا اللّٰه محمد رسول اللّٰه
فمسألة الاضاحي والأبحاث الفرعية هذه ما أغنانا عنها لو نظرنا للحج نظرة كلية، ولقد كان إلى عهدٍ قريب - فنحن الآن أصبحنا في مشكلة خطيرة - قبل وسائل المواصلات الحديثة يوم كان الحج على ظهور الأبل أو الدواب أو المشي أو السفن كان يحج حتى الفقير القوي الصحة يحج ماشياً، وعندي من أهلي وديرتي أن آباءَهم حجوا على أقدامهم. فكان يحج الناس كلهم ولو على اقدامهم فقيراً كان الحاج أو غنياً، فتستهلك الأضاحي، وما كانت تفسد؛ لأن عدد الحجاج يكفي لاستهلاك تلك الأضاحي، ولكن ولما اصبحت وسائل