187مرحلة التوثّب الاستعماري، لتلحقها بعد فترة وجيزة مرحلة التوسّع الاستعماري، التي حددها «برينت» ما بين منتصف القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الأولىٰ.
والدليل علىٰ ذلك أن البعثات الغربيّة قد تقاطرت على المنطقة بشكل مكثّف ومثير للدهشة. وإلىٰ هذا أشار المستر هوغارث، حينما لخّص أسماء الأوروپيين الذين زاروا الأراضي المقدسة إذ قال: «إن قائمة الأوروپيين الذين زاروا مكّة هي قائمة طويلة في الحقيقة. فمنهم الايطاليون مثل: فارتيما وفيناتي، والألمان مثل:
فايلدوستيزن وفون مالتزان، والانكليز مثل: بيتز وبورتون وكين، والسويسريون مثل: بوخارت، والأسبان مثل: باديا، والسويد مثل والين، والهولنديون مثل هورغونيه، والفرنسيون مثل كوتر نلمونت.
وإلىٰ جانب هؤلاء، هناك عدد من المحاربين والمغامرين، وقد سمع الرحالة نيبور بجرّاح فرنسي تمكن من الدخول إلى الأراضي المقدسة، وبرجلين انكليزيين أيضاً. وطرق سمع الرحالة «دوتي» أن عدداً من الإفرنج دخلوا إليها كذلك، وصادف هو بالذات رجلاً ايطالياً يسمّي نفسه فراري كان في طريقه إلىٰ مكّة المكرّمة مع قافلة الحج الايرانية. ووجد جوزيف بيتز رجلاً ايرلندياً في المدينة، كما يقول الرحالة مالتزان أن ليون روش القنصل الفرنسي في تونس حجّ إلىٰ مكّة وزار المدينة، وكذلك فعل رجل من البحارة الانكليز. هذا فضلاً عن عدد من الأوروپيين المشارقة مثل اليونان» 1.
ولا ريب في أن هذه القائمة للنماذج المعروفة، وما خفي أعظم، لم يكن همّ أصحابها الاستجمام أو المغامرة، بل هناك مهمّات خطيرة قد أوكلت إليهم، في ظلّ تنافس محموم كانت تتسابق إليه دوائر الغرب بحثاً عن موطئ قدم في هذا الشرق، الذي أُريد له أن يرزح تحت السيطرة الاستعمارية.
وعلىٰ هذا الأساس، فإن الرحالة الذي رأيناه خلال القرنين السادس عشر