180بعضها إلىٰ بعض حد التقارب. وكلها أحجار صخرية ميّالة إلى السواد في لونها. . .
وهناك فوق قمّة أحدها غار مشهور يسمىٰ غار حرّاء، كان النبي محمّد يعتزل فيه فيستغرق في عبادته وتأملاته وصومه. وقد ذهبت إليه فلم أجد أن يد التجميل قد مسّته مطلقاً، فاعجبت جد الاعجاب بذلك 1.
ثم يقدّم لنا «بيتز» انطباعاته حول مكة، فيقول: إنه لم يجد فيها شيئاً مثيراً أو مبهجاً. ولم يعجبه سكان مكة أيضاً 2فهم فقراء ميالون إلى النحافة والهزال، وسمر في لونهم 3ولكنه قضىٰ وقتاً في وصفهم ووصف الحجاج، ثم استرعىٰ انتباهه أولئك المتصوفون (الدراويش) الذين يعيشون حياة الزهد والتنسّك ويسافرون من أدنىٰ البلاد إلىٰ أقصاها كالرهبان المتسولين، وهم يعيشون علىٰ صدقات الآخرين، يلبس الواحد منهم قفطاناً أبيض طولاً وقبعة طويلة بيضاء (مثل بعض فئات الرهبان المسيحيين) وعلىٰ ظهر الواحد منهم جلد ضأن أو ماعز يرقد عليه، وفي يده يحمل عصا طويلة. وهنالك كثير من الأتراك يتبعون مثل هذه الحياة 4.
ويقول «بيتز» كذلك: إن مكة كان فيها ماء كثير، لكنها خالية من العشب والزرع إلّافي بعض الأماكن. علىٰ أنه وجد فيها عدّة أنواع من الفواكه ميسورة للناس مثل العنب والبطيخ والرقي والخيار والقرع وما أشبه. وهذه يُؤتىٰ بها في العادة من مكان يقع علىٰ مسيرة يومين أو ثلاثة، يسمىٰ «حباش» (؟) ولعله يقصد بذلك الطائف.
ثم يذكر خلال وصفه للحج ومناسكه أن سلطان مكة (أي الشريف) الذي ينحدر من نسل النبي محمد صلى الله عليه و آله لا يعتقد بأن غيره جدير بتنظيف البيت وتطهيره، ولذلك يقوم هو شخصيّاً والاثيرون عنده من رجاله بغسله بماء زمزم المقدس، ثم بالماء المطيّب المعطّر. وحينما يقومون بهذه العملية ترفع السلالم التي تؤدّي إلىٰ بيت اللّٰه، ولذلك يحتشد الناس تحت الباب ليدفع ماء الغسيل عليهم حتىٰ يتبللوا به