179يرتل بعض الجمل الدينية، فقلده الحجاج وكرروا ما كان يقوله. وما ان وقع نظر الحجاج علىٰ بيت اللّٰه الحرام (يقصد الكعبة) في الداخل حتىٰ انهمرت الدموع في أعينهم بغزارة، وقادنا الدليل إليه في الوقت الذي كنا ما نزال نكرر ما يقول من الأدعية والجمل الدينية. وقد أعقبنا ذلك بالطواف سبع مرّات من حوله، وبالصلاة ركعتين من بعد ذلك، وبعد الانتهاء من كل هذا أخذنا الدليل إلى الشارع من جديد حيث كان علينا أن نهرول أو نركض من مكان في الشارع إلىٰ آخر (بين الصفا والمروة) فنقطع مسافة لا تزيد علىٰ رمية سهم. وإني اعترف بأنني لم يكن بوسعي سوىٰ أن أعجب بهؤلاء المساكين الذين يخلصون إلىٰ آخر حد في تأدية مثل هذه (الخرافات) ، وأقدّر شعورهم حينما ألاحظ مقدار ما ينتابهم من الرهبة والارتعاش. والحق أنني لم أتمالك نفسي من البكاء وإرسال الدموع حينما رأيت حماستهم المتناهية في العقيدة، برغم ما فيها من وثنية (كذا) ، ومع كونهم يؤدونها على العميا 1. . . .
أمّا فيما يتعلّق بالحجر الأسود، فلقد كانت لديه فكرة غريبة عنه، مع أنه يبدو وقد طاف حول الكعبة، إذ يقول: «هنالك في إحدىٰ زوايا هذا البيت حجر أسود ثُبّت في إطار من الفضة، وكلما اقترب أحد من الزاوية، عليه أن يقبّل ذلك الحجر، ويقولون: إن هذا الحجر كان لونه أبيض سابقاً، ولكنه بسبب ذنوب وخطايا الحجاج، الذين يقبلونه تحوّل لونه إلى الأسود» . ثم يقول: «إنه لم يعتقد بصحة ذلك التحذير الذي وُجّه إليه. وهو أن الإنسان ربما أصيب بالعمىٰ إذا نظر حوله وهو في البيت الحرام، وهو يقول: إن هذه القصة غير صحيحة، ثم قرر أن ينظر حوله، ولكنه لم يحدّق النظر كثيراً، بل كان يُلقي نظرة من آن لآخر 2.
ويصف «بيتز» مكة فيقول: إنها بلدة تقع في وادٍ غير ذي زرع، أو في وسط عدّة جبال صغيرة. وهي غير عصيمة؛ لأنها ليس لها أسوار ولا أبواب. . . علىٰ أن البلدة محاطة لعدّة أميال بآلاف عدّة من التلال والجبال الصغيرة، التي تتقارب