178علىٰ أن «بيتز» في وصفه لمصر وخليط السكان فيها (من أتراك ويهود ويونانيين وأقباط) كان أول من روّج شعبيّاً صورة جديداً جداً، ألا وهي صورة البغاء. . . وعلىٰ أيّة حال، فإن تجارب بيتز وتصويره للعرب كقراصنة وشحاذين ولصوص ومشتغلين بتجارة الرقيق والبغاء كانت رائجة في انكلترا في نهاية القرن السابع عشر. ولابدّ من التأكيد هنا أن إشارات «بيتز» إلى العرب لم تكن واضحة جداً أبداً؛ فهو يدعوهم أحياناً جزائريين أو بربراً أو عرباً، ويشير إليهم أحياناً كأتراك ومصريين. وأحسن دليل علىٰ عدم وضوحه وصفه المشوّش للبغاء 1.
يمضي «بيتز» في وصف قافلة الحجاج، وهو ينتقل بمعيّة سيده من القاهرة إلى السويس، ومنها أبحرا إلىٰ مرفإ صغير بين ينبع وجدّة، واستخدما الجِمال مجدداً للوصول إلىٰ مكّة المكرمة. ودامت اقامتهما هناك شهرين، وكان «بيتز» يرافق معلمه كل يوم، في جولة حول المدينة، ويسجّل في ذهنه صور المباني وعادات الأهالي والطقوس الدينية. وكان الجهد الذي بذله لتسجيل كلّ هذه التفاصيل مميزاً، وكذلك عندما دوّنها في كتابه الشهير 2:
مكّة كما يصفها بيتز
كتب جوزيف بيتز مذكرات تفصيلية عن سفرته إلىٰ مكّة، وصف فيها البلدة وأماكنها، كما وصف المسجد الحرام والكعبة ومناسك الحج كلها، وليس من الممكن بطبيعة الحال أن نورد هنا جميع ما كتب عن ذلك، وإنما نورد نماذج منتخبة ممّا كتب. فهو يقول عن أول وصوله إلىٰ مكّة:
«. . . وحالما وصلنا إلىٰ مكّة المكرّمة سار بنا الدليل في الشارع الكبير الذي يقع في وسطها، ويؤدّي إلى المسجد الحرام (يسميه المعبد) ، وبعد أن أنخنا ذلولنا، كان أول ما أخذنا الدليل إليه البركة؛ لنقوم بعملية الوضوء، وعند ذلك جاء بنا إلى الحرم الشريف فخلعنا أحذيتنا، وتركناها عند الكيشوان، ثم دخلنا من باب السلام. وبعد أن سرنا خطوات معدودة، وقف بنا الدليل ورفع يده للدعاء، وأخذ