166عبدالرحمن في كلّ منزل بجمع عدد من المشاة بوشاية من الحاج حمودي النجفي، وأمر بعضاً من الأعراب الأشدّ كفراً ونفاقاً، بأن يحملوا عليهم بالهراوات، ويشبعوهم ضرباً حتىٰ يقضي البعض نحبه تحت أيديهم، ويقوموا بنهب ما يمتلكون من دراهم ودنانير، حتىٰ أن متعهد القافلة الحاج جواد بن الحاج عبد، وهو من الرعايا الإيرانيين، قد استشهد هذا العام تحت ضرب الهراوة لمحمّد.
وأخيراً، لم يبقَ سوىٰ 23 نفراً من الحجاج المشاة، وما إن علمتُ بذلك حتىٰ أرسلتُ في طلب عبدالرحمن، ووجهتُ إليه التهديدات قائلاً:
لو كان قادة دولة إيران يعلمون كيف أنكم بهذه القساوة والطمع، تتعاملون مع الحجاج الأعاجم؛ لمنعوا كليّاً الطريق الجبلي. ولقد توعّدته، وقلت له: إذا أمهلني الأجل فسأسجّل تفاصيل هذه المعاملة السيئة في دفتر مذكراتي، وسأعرضها علىٰ ولاة الأمر في ايران. وآخر الأمر، فقد أعطيته قطعة شال؛ لأنقذ بقية السيف من براثنه.
ومع هذا، فقد كانت تُفرض كلّ يوم وبمختلف الحُجج والأعذار، أتاوات من قِبل عبدالرحمن ومتعدي القوافل على الحجاج العجم، وكان الحاج حمودي يأخذها بأسوإ شكل، وكانوا إذا احتملوا وجود دينار في جيوب الحجاج، جالوا بهم في القفار حيارىٰ وعطشىٰ وجياعاً. وكلّ تلك المصائب تحدث خاصة أثناء العودة.
والحاج حمودي رجل من أهل النجف، وكان هو وأخوه جاسم يخرجان كلّ سنة من النجف مع بعض أقربائهم برفقة الحجيج، وهو رجل لا دين له ولا مذهب وكان يتبع مذهب كلّ جماعة يُرافقها. فهو شيعيٌّ في النجف، وسنيٌّ متعصّب في خيلِ أمير جبل، وشريك للّصوص في مخيّم الحجّاج، ورفيق القافلة والأمين والمشاور كذلك.
وأما عبدالرحمن فهو شخص ظالم وقاسي القلب، وكلّ ما يُصيب الحجاج من