164مكّة هي أنَّ أحد الفلاحين الايرانيين أراد يوماً الطواف حول بيت اللّٰه والتّشرف بذلك، فربط مداسه بمنديله ووشاحه ووضعه علىٰ كتفه متدلياً خلف ظهره ودخل المسجد. فانتبه أحد خواجات الحرم إلىٰ ذلك، وبينما كان الفلاح يطوف فإذا بالخواجة يُنزل ضربات عديدة بهراوته علىٰ ظهر الفلاح، فشاهد أحد أقرباء المنسّق في الدار الايرانية، تلك الواقعة من بعيد، فأسرع وأخبر المنسّق بذلك.
فقام المشار إليه لأخذ القصاص بإذن جناب الشريف وباشا مكّة وعاقبوا ذلك الخواجة في نفس المكان الذي قام هو فيه بضرب الفلاح بالهراوة. وهذه الاُمور تقع فقط للإيرانيين وحدهم دون غيرهم. فالأعراب وضعهم مختلف، فهم يحملون نعلهم تحت آباطهم ويدخلون المسجد دون أن يتعرّض لهم أحد بسوء.
والخلاصة أنّه ولسبب مجهول يتعرّض جماعة من الإيرانيين كلّ سنة إلى الأذى والمشقة والبلاء.
وبعد الخروج من المدينة الطيبة، تحركنا نحو الجبل، ولم تكن في الطريق من المدينة الى النجف الأشرف أيّة مدينة عامرة علىٰ جانبي الطريق سوىٰ «مستجدة» و «جبل» وبعض الخيم السود القليلة، التي تسكنها جماعة من الأعراب.
و «مستجدة» علىٰ بعد ثلاثة منازل قبل الجبل، وهي قرية عامرة فيها بساتين كثيرة من النّخل والحمضيات.
و «جبل» قصبة من إيالة «نجد» ويبلغ عدد سكانها حوالى (200) عائلة وجبل هي مقرّ حكومة محمد الأمير. وتقع علىٰ خط عرض (29) درجة شمالاً وخط طول (6) درجات غرباً عن طهران، في أرض سهلية جرداء وحصوية، وأما سكانها فهم من الأعراب البدو.
نجد:
تقع بين (الاحساء) و (الحجاز) والأراضي الصحراوية، ويقطنها حوالى ثلاثمائة ألف نسمة، مناخها شديد الحرارة ولكنّه صحّي، وماؤها شحيح، ومعظم