162كثيراً، إلّاأنَّ تلك الحالة لم تخلو من المخاطر، خاصة في المدينة الطيبة حيث تُستَحلُّ فيها دماء وأموال العجم، ولا يتأخر أهلها عن إيصال الأذى إلى الحجّاج، حتى السيد حسن المطوّف الذي هو مأمورٌ من جانب جناب معين الملك لملاحظة مطوّفي الحجاج الإيرانيين، أبدىٰ منتهىٰ سوء التصرف والسلوك. وقد ساد العُرف منذ سنين علىٰ جباية مبلغ ريالَين إفرنجيَّين من كلّ حاج أي ما يُعادل اثني عشر ألف دينار لحسابه، فيقسّمها هو على المزوّرين والخدام في الحرم.
ويعمد هذا الرجل المتوحش القليل الأدب مع جماعة من الخواجات والعسكر إلى الهجوم علىٰ مخيَّم الحجاج المساكين في منتصف الليل دون سابق إنذار لأخذ تلك الأموال، وإذا كان الناس نائمين في خيامهم، سواء أكانوا لوحدهم أم مع عيالهم، يغيرون عليهم ليلاً وينتزعون منهم تلك الأموال بكلّ وحشية، كما أنَّ بعض أهل المدينة - من الذين يتّصفون بقلّة الأدب الزائد عن الحدّ وبالوحشية - لا يعيرون الإيرانيين ذرّة وقار أو احترام بل ولا يحسبونهم من صنف البشر!
وقد رأيت بعينيَّ في مسجد الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله جماعة من الحُجّاج الهُنود يخيّمون هناك، وكانوا قذرين للغاية وثيابهم رَثَّة، وهم يجلسون كلّ يوم تحت أشعة الشمس علىٰ فُرُش نظيفة، يقتّلون القَمْل ثم يضطجعون ويغطّون في النوم، ومع هذا يتحركون بكلّ حرّية ووقاحة دون أن يعترضهم أحد.
مَنْع الزيارة:
ومع أن أغلب الإيرانيين يلبسون ملابس نظيفة وجميلة، لا يُسمح لهم خلال النهار بالتوقف في المسجد كثيراً لأداء الزيارة، ولا يتجرأون في الذهاب إلى المسجد، وفي اللّيل هم ممنوعون تماماً من دخول المسجد مع أنّهم كانوا يتحركون بكلّ أدب وحيطة وحذر، وقد رأيت يوماً في زقاق من أزقة المدينة رجلين ايرانيين عظيمي الجُثّة يجتازان من أمام أحد الدكاكين، فقفز صبيٌّ من الدكان أمامهما وأخذ بيدي هذين الرجلين وساقهما نحو الدكان بقصد إيذائهما، ومع أن