161وقساةٌ ومعيشتهم ضنكا. وفيها طائفة النخاولة 1الذين يرجع نسبهم الى الإمام السّجاد عليه السلام وجميع اُولئك من الشيعة الُخلَّص، وهذه الطائفة لها بيوت خارج المدينة القديمة وهي بيوت خربة جدّاً، وتعيش في ضنك وفقر مدقع، ولا يسمح لها أهل المدينة بالدخول إلى الحرم الطاهر أو مسجد النبيّ، وقد حدث مراراً أن هجموا علىٰ بيوت تلك الطائفة، وأوقعوا فيها القتل ونهبوا ما لديها. واعتقد أن لو كان لأحد في المشرق نذر بقدر فلس واحد يحرم حينئذ إعطاؤه إلىٰ غيرهم عند الإمكان، وعليه أن يوصله إليهم مع وجودهم، فحياة هؤلاء المساكين مُرّة وصعبة ولا يمكن شرحها على الإطلاق.
ومن عادات أهل المدينة أنّهم على الأغلب يربّون المواعز للحصول علىٰ ألبانها، فهم يشدّون علىٰ ضروعها كلّ صباح ويطلقونها تسرح، فتسيح هذه المواعز في الأزقة إلىٰ غروب ذلك اليوم، وعند العشاء تعود إلىٰ منازلها لوحدها، ولا يُعلم ما تأكله هذه الحيوانات المسكينة أو تشربُه! إذ لا يوجد في الأزقة ما يمكن أكله سوى الأتربة والخرائب، وتُحلبُ مع ذلك في الليل!
وقد تحيّرت في هذه الحادثة حتىٰ سمعت خبراً، أنّه في عهد خاتم الرّسل صلى الله عليه و آله شكىٰ أهل المدينة إليه صلى الله عليه و آله: أنما مضطرون للاحتفاظ بالمواعز من أجل ألبانها، إلّا أنّه لا يوجد عندنا شيء لإطعامها، وأرضنا يابسة جرداء. فأجابهم الرسول صلى الله عليه و آله بكلام بياني إعجازي: اطلقوا مواعزكم تخرج في الصباح، وامسكوهن في الليل.
فصار ذلك عرفاً عندهم حتىٰ وقتنا الحاضر، فقد عاشت مواعزهم بفضل وبركة كلامه صلى الله عليه و آله ولا يعرف أي شيء كانت تأكله!
التعامل الجاف مع العجم:
إنَّ ما رأيته في الحجاز هو أنَّ العجم، ولا أدري ما السبب في ذلك؟ مغضوب عليهم، ويحتقرهم ويذلّهم الناس هناك، ومع أنّه في هذه السنوات وبحسن كفاءة ودراية الحاج ميرزا حسن خان منسّق الأعمال المقيم بجدّة، قد تحسّنت الحالة