156الاثنين، وأرض الطواف هي بعرض خمس الىٰ ست أذرع، تحيط بالبيت والحِجر معاً. وخارج أرض الطواف يوجد مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام وقبة بئر زمزم وبقية خواص الحرم، وأرض الحرم مرتفعة عن أطرافه بمقدار ذراعين.
وقد زُيّن داخل البيت ببعض الزينة، وباعتقادي أن الزينة الروحانية الباطنية لبيت اللّٰه كافية. «فالمحبوب الجميل لا يحتاج إلى الزينة» ، فلو جُرّد البيت من الزينة، لكانت هيبته وعظمته في القلوب أعظم وأكبر بكثير. «فإن العروسة الجميلة أسعد حالاً بلا أثاث» .
دكّان النخاسة:
استمرت إقامتي في مكّة شهراً واحداً، وكنت في بعض الأحيان أذهب للنزهة، وذات يوم ذهبتُ إلىٰ دكان النخاسة، وهي في الواقع ثلاث دكاكين معتبرة في مكّة تقوم ببيع الرقيق، وقد شاهدتُ حالة غريبة: أنواع الإماء والعبيد والخصيان قد جُلبوا من الحبشة، وزنجبار، والنوبة، والسودان، وغيرها. وقد صُفَّت السرائر بالترتيب، ووضعوا الرقيق عليها في صفوف منظمة، وحضر السماسرة وأحد الملالي من جماعة أهل السنّة، وذلك لعقد صيغة البيع. وحضر الزبائن وهم من بلدان مختلفة، وكان السماسرة يتحدّثون إلى الزبون بمنتهى المحبّة، كما كانوا يأتون إليه بالأمَة أو العبد الذي يطلب، ويعرضون أمامه أعضاء بدنه كافة، ويتساومون معه بخلق وبمهارة فائقة. وأمّا إذا كان الزبون إيرانيّاً، فلا يُلقون إليه بالاً أبداً بل إذا توقّف قليلاً، فلا يُستبعد أن يؤذوه، فهم يحرّمون التعامل معه؛ لذلك فالزبون الأعجمي عليه أن يوكّل أحداً من العرب ليشتري بالنيابة عنه.
مولد النبي صلى الله عليه و آله ومولد علي عليه السلام:
يوجد في مكّة مكانان هما موضع زيارة العامة، الأول يعرف ب «مولد النبيّ» صلى الله عليه و آله والثاني هو «مولد أمير المؤمنين علي» عليه السلام، وقد قام بعض السلاطين العثمانيين بتعميرهما، ويتولّىٰ أمرهما سادن وبعض الخدم.