154وهي وعرة التضاريس، ويمكن بحفر بضع آبار، أن تجري سلسلة من القنوات فيها، ويمكن إحياء كلّ تلك الأراضي، ولكن لا أعرف ما السبب في أنّ أحداً لم يطرق هذا الباب طوال القرون الماضية، وإحياء تلك الأراضي بأقل كلفة؟ ففي تلك الصحاري لا ينبت غير الزعرور، وهو شجر الصمغ العربي، في حين يمكن أن نجعل منها جنّات وحدائق زاهية.
الوصول إلىٰ مكّة المكرّمة:
في السادس والعشرين من شهر ذي القعدة، وصلنا إلىٰ مكّة المكرّمة من الطرف الجنوبي، وهي إحدىٰ مدن الحجاز، ومنبع العظمة والقداسة، تقع علىٰ بُعد سبعة فراسخ إلى الشرق من البحر الأحمر، وتقع علىٰ خط الطول 11 غرباً، وعلىٰ خط العرض 5/21 شمالاً.
كان عدد سكانها في السابق بحدود مئة ألف نسمة، وقبل ثمانين سنة كان العدد حوالى ثمانية عشر ألف نسمة، فارتفع العدد حتىٰ وصل في الوقت الحاضر الىٰ خمسين ألفاً، ويقدّر عدد الحجاج بمثل هذا الرقم، وفي هذا العام، قدّرت التخمينات عدد الحجاج بما يزيد على المئة ألف حاج.
وأزقتها منظّمة، وجميلة، وأبنيتها نظيفة، وقد بُنيت المدينة في عدّة أودية، وعلىٰ حافات الجبال والشِعَب، فهي لهذا السبب غير مستوية. وجبل «أبو قبيس» يُقسم المدينة قسمين مختلفين، يقع القسم الأعظم منها على الطرف الأيمن، حيث تضمّ مركز المدينة، أمّا الطرف الأيسر فيضمّ القسم القديم منها. ومعظم مساكنها من الحصير والطين، وهي بسيطة جدّاً وبلا أساس. أما أبنيتها الأخرىٰ فهي من الحجر المنحوت وذات طوابق ثلاثة أو أربعة، وليس للبيوت صحن أو باحة، وجميعها تحتوي علىٰ باب ونافذة على الطريق، وتستقي المدينة ماءَها من قناة زبيدة، وهي أقل من مستوى الأرض بذراعين أو ثلاثة أذرع، لذلك يستقون بواسطة الدلاء.