153الحجاج الىٰ حدّ ما. وأما السفينة الثالثة، التي كان يملكها ابن المرحوم الحاج زين العابدين أحد تجّار شيراز، الذي يسكن في بومباي، فكان عليها طاقم أجنبي فقط قبيح وطمّاع. وقد صعد أفراد الطاقم الىٰ ظهر السفينة في مدينة بوشهر، وعلىٰ افتراض أنهم مسلمون، ولكنّهم لم يتوانوا عن ارتكاب أي منكر، فعاثوا في السفينة فساداً، وارتكبوا سرقات متعدّدة، ومع أن هذه السفينة قد استُخدِمَت حديثاً في نقل الحجّاج، وأن صاحبها المسكين كان له اهتمام كبير بخلق سمعة طيبة لها، لترغيب الحجاج للسفر علىٰ ظهرها وجني الأرباح من وراء ذلك، ولكن، على العكس ممّا كان يتمنّىٰ صاحبها، فأفراد الطاقم غير حريصين، فقد عمدوا الىٰ حشر الكثير من الحجاج في مساحة قليلة علىٰ ظهر وداخل السفينة، فماذا أقول عمّا عاناه الحجاج من مصاعب ومِحن؟ فقد مَرِض الكثير بسبب رداءة هواء مخازن السفينة، ولمّا كان الحصول على الدواء والغداء المناسب غير متيسّر، مات بعضهم، ودفنوا في البحر وبطون الأسماك.
وباختصار، فقد مرّت ظروف عصيبة علىٰ ركاب السفينة، حتىٰ وصلنا جدّة، ومنها إلىٰ مكّة والمدينة عن طريق (السعدية) .
السعديّة:
وهي المكان الذي يحرم منه الحاج، ويقع في مقابل جبل يلملم، الذي أحرم أمير المؤمنين علي عليه السلام منه، عند رجوعه من اليمن. والمكان عبارة عن وادٍ يَتوَسَّطه بئر، بعرض ثلاثة إلىٰ أربعة أذرع وبعمق أربعة إلىٰ خمسة أذرع، وقد بُني من الحجر المصيقل، وهو علىٰ بعد منازل ثلاثة من جدّة ومنزلين من مكّة المكرّمة، وفي كل منزل يوجد بئر مماثل، تشرب منه العشائر وأغنامها، والشيء الذي توصلت إليه بشكل دقيق هو ما يلي:
يمكن شقّ الأنهار والقنوات في المنازل الخمسة المذكورة، بل في معظم المنازل الموجودة بين الحرمين، فإنّ غالبية الأراضي هناك تضمّ في جوفها الماء الوفير،