98إحياء علوم الدين، والفيض الكاشاني في المحجّة البيضاء بعض المطالب، وإليك منتخباً ممّا تحتويه:
الطواف صلاة. احفظ مراتب التعظيم والتكريم والخوف والرجاء والمحبّة. ها أنت كالملائكة الذين يطوفون بالعرش الإلهيّ، ولا تحسب أنّ المقصود طواف بدنك في أطراف البيت، بل المقصود طواف قلبك بذكر صاحب البيت، فلا تبدأ ذكراً ولا تختمه إلّاباسمه، كما أنّ الطواف يبدأ من البيت وينتهي إلى البيت واعلم أنّ جوهر الطواف طواف القلب بالحضرة الإلهيّة، وما البيت إلّامثال ظاهريّ في عالم الملك للحضرة الربوبية التي لا ترىٰ بهذه العين، كما أنّ الجسد مثال ظاهري للقلب 1في عالم الشهود، ولابدّ من معرفة أن عالم الملك والشهود العالم الحسي يرقىٰ درجة بعد درجة لمن فتحت له الباب.
وما ورد في الأخبار من أنّ في السماء بيتاً وضع قبالة الكعبة، يسمّىٰ بالبيت المعمور، تطوف حوله الملائكة كما يطوف الناس حول الكعبة، فيه إشارة إلىٰ هذه الموازنة والمسانخة بين عالم الملك والملكوت.
وبما أنّ أكثر الناس قاصرون عن الوصول إلىٰ هذه المرتبة من الطواف، فقد أُمروا بالتشبّه ما وسعهم ذلك. (إلىٰ هنا ينتهي ما انتخبناه من محتوىٰ كلام الغزالي) .
فالطواف هو بيت القصيد الرقيق والمتغلغل إلىٰ أعماق القلب، من ملحمة الحجّ الرائعة.
الطواف تبلور لمقام القرب والوصال بين العابد والمعبود، وينفرد الطواف مع صلاته عن بقيّة المناسك باشتراط الطهارة فيهما، فلا يجب على الحاجّ الوضوء أو الغسل (إذا صدر منه أحد موجباته) لسائر أعمال الحجّ الأُخرىٰ، كما لا تشترط الطهارة من الحيض في المرأة - لغير الطواف وصلاته.
الطواف حول البيت عدل وموازن للصلاة، فالصلاة هي الطواف بصورته الساكنة مقابل الكعبة،