39مصارفها - ليس من قبيل الترجيح بلا مرجّح.
وممّا يدلّ علىٰ ذلك دلالة قويّة ما ورد في أبواب الذبح عن الامام الصادق عليه السلام، عن آبائه عن جدّهم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أنه قال: «إنّما جعل هذا الأضحى؛ لتشبع مساكينكم من اللحم فأطعموهم» 1.
وإذا تأمّلت هذه الرواية علمت أن الأضاحي، التي تقدّم في أيّامنا هذه لا تصرف لإطعام الفقراء وإشباعهم، فهي علىٰ ذلك خارجة عن نطاق أوامر الشرع.
والرواية وإن ذكرها صاحب الوسائل في أبواب الأضحية المستحبّة، ولكن مفادها عام يشمل الجميع.
إن قيل: هل وجدتم في لسان الروايات مورداً أمر الشارع فيه بإيقاع الهدي خارج منى؟ أليس هذا من قبيل الإتيان بالطواف أو السعي في غير مكّة؟
قلنا: توجد موارد عديدة في روايات الباب توجب إيقاع الهدي خارج منىٰ:
منها: المصدود - وهو من أتى بهدي، ومنع من الدخول في الحرم أو مكّة - إذا ساق هدياً فالروايات وفتاوى المشهور من الفقهاء العظام متفقة علىٰ وجوب ذبحه في نفس محلّ الصدّ، فلو كان الهدي في غير منى كالطواف في غير مكّة، سقط الهدي ولم يكن الهدي خارج منىٰ جائزاً 2.
ومنها: رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر علىٰ من يتصدّق به عليه، فعليه أن ينحره أو يذبحه، ويكتب كتاباً أنه هدي، يضعه عليه؛ ليعلم من مرّ به أنه صدقة، ويأكل من لحمها إن أراد 3.
فهذه الروايات تدل بشكل قوي أوّلاً: علىٰ جواز الهدي خارج منى في موارد الضرورة. وثانياً: علىٰ لزوم السعي في صرف لحومه بإعلام المستحقّين ابتداءً، وفي صورة عدم حضور المستحقين بنصب علامة تدلّ علىٰ أنّه هدي وصدقة يجوز للمؤمنين