38ينتفي بانتفاء قيده، وهو في مقام وقوع الهدي في منى أوّلاً، وصرفه في الفقراء ثانياً، فانتفاء الأول بانتقال المذبح الىٰ خارج منى، وانتفاء الثاني بإعدام اللحوم بالدفن أو الحرق يوجب انتفاء أصل الهدي وسقوطه عن الوجوب.
قلنا: هذا وإن كان محتملاً بحسب صناعة الفقه، ولكنه مخالف للاحتياط قطعاً، خصوصاً بعد ملاحظة عدم إسقاط الشارع المقدس الهدي في مورد من الموارد، حتىٰ بالنسبة إلىٰ من لم يجد ثمن الهدي، فأوجب عليه بدل الهدي الصيام ثلاثة أيام متوالية في الحجّ، وسبعة بعد الرجوع إلىٰ أهله.
وفيما نحن فيه حيث إنّه واجد لثمن الهدي، ودليل الصيام مختصّ بمن لم يجد، فلا أقلّ من أنّ مقتضى الاحتياط إتيان الهدي في محلّ آخر.
وبعبارة آخرى عدم سقوط الهدي في جميع الموارد، دليل علىٰ أنّه إذا لم يكن الهدي في منى وجب إتيانه في محلّ آخر، إلّاإذا لم يكن واجداً للثمن، فيأتي ببدله وهو الصيام.
إن قيل: إتيان الهدي بالقيدين المذكورين (وقوع الذبح في منى، وصرف لحوم الهدي معاً) متعذّر غالباً في الأوضاع الحالية، فلابدّ من ترك أحدهما والإتيان بالآخر، فإمّا أن يأتي بالهدي في منى مع عدم صرف لحومها، وإما أن يترك ذبح الهدي في منىٰ ويأتي به في خارجها، مع صرف اللحوم في مصارفها، وإنّ ترجيح أحد القيدين على الآخر محتاج الىٰ دليل.
قلنا: أوّلاً: جميع المذابح في يومنا هذا خارج منى، وثانياً: ليس القيدان علىٰ حدّ سواء، فإنّ صرف اللحوم في مصارفها من مقدّمات الهدي في نظر العرف وأهل الشرع، ومن البعيد جدّاً أن يكون لمجرّد إراقة الدم موضوعيّة، لا سيما قد جرّ ذلك إلى الإسراف، أو التبذير الحرام في رأي الشارع المقدّس، وسيأتي شرحه في المباحث اللاحقة.
وحينئذ فإن ترجيح أحد القيدين على الآخر - أي إيقاع الهدي خارج منى، وصرف اللحوم في