210ويحدثهم ويحدثونه 1.
وعنه أيضاً: كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، وكان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته، وإن كان ليخرج إلينا العكة فنشقها فنلعق ما فيها.
الهجرة:
إن من أعظم ما ناله المسلمون الأوائل هو وسام الهجرة، هذه التي منّ اللّٰه تعالىٰ بها عليهم، لتكون نقطة انطلاقة كبرىٰ وانفتاح على العالم الآخر بعيداً عن الحجاز وعبث الظالمين فيه، وأذاهم وتعذيبهم للصفوة المؤمنة. فالدعوة في بدايتها وقد حفت بالمخاطر، والمؤمنون بها قلة قليلة ضعيفة لا حول لها ولا قوة. . ترقبها عيون قريش هنا وهناك، تتربص بهم ليسوموهم سوء العذاب لا لذنب اقترفوه أو جريمة تلبسوا بها سوى أنهم فتية آمنوا بربّهم وزدناهم هدًى 2. وهجروا دين آبائهم وكبرائهم. . .
تقول رواية أمّ سلمة:
لما ضاقت على النبي صلى الله عليه و آله مكّة، وأوذي أصحابه، وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله في منعة من قومه ومن عمّه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتىٰ يجعل اللّٰه لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه.
فخرجنا إليها أرسالاً حتىٰ اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلىٰ خير جار، أمنا علىٰ ديننا، ولم نخش ظلماً.
فلما رأت قريش أنا قد أصبنا داراً وأمناً، اجتمعوا علىٰ أن يبعثوا إليه فينا؛ ليخرجنا من بلاده، وليردنا عليهم. فبعثوا عمرو بن العاص وعبد اللّٰه بن أبي ربيعة، فجمعوا له هدايا ولبطارقته، فلم يَدَعُوا منهم رجلاً إلّابعثوا له هدية علىٰ