١۶۵الحق المشترك للمسلمين في مكة عبادياً، ثمّ يتطوّر فيصبح اجتماعياً وسياسياً، وما مسألة كراهة منع الحاج من سكنىٰ دور مكة إلا تعبيراً عن هذا التطور الطبيعي، ومن الناحية العملية توجد صورتان لتجسيد هذا الحقّ.
١ - صورة وجود دولة إسلامية واحدة تحكم العالم الإسلامي مركزياً.
٢ - صورة وجود دول متعددة.
والحق الإسلامي المشترك في مكة لا يواجه مشكلة في الصورة الأولىٰ؛ لأنّ الدولة الواحدة هي تجسيد لإرادة العالم الإسلامي ككل، وبالتالي فإنّ قيام هذه الدولة بتسيير شؤون مكة يعني أنها تقوم بذلك نيابة عن العالم الإسلامي، وتجسيداً للإرادة الإسلامية العامة. بحيث يتحقّق معنى سواء العاكف فيه والباد.
ولكن المشكلة تظهر عندما تتعدّد الكيانات الإسلامية، ويتجزأ العالم الإسلامي إلىٰ بلدان ودول وحكومات متعددة، وتكون السلطة علىٰ مكة جزءاً من كيان دولة معينة وحكومة خاصة، كما هي الحالة القائمة الآن.
وفي مثل هذه الحالة تظهر الحاجة إلىٰ بلورة صيغة معينة من شأنها حماية مركزية العالم الإسلامي من التلاشي والاندثار، والحيلولة دون ضياع الخصوصية المكية، وتجسيد الحق المشترك للمسلمين فيها. والصيغة الوحيدة في ظل الظروف الراهنة هي انتخاب هيئة عليا من علماء المسلمين كافة تقوم بالإشراف علىٰ شؤون مكة المكرمة. وهذه الفكرة التي نقولها ليست جديدة ولا الأولىٰ من نوعها في تأريخ مكة. بل إنّ لها جذوراً تمتد إلىٰ أكثر من سبعين سنة سابقة؛ وهي من جملة الأسس التي قامت عليها الدولة السعودية الحديثة. وذلك حينما قام شريف مكة الشريف حسين بمنع حجاج نجد من أداء مراسم الحج في مكة ضمن صراع عنيف كان يدور آنذاك بين سلطنة نجد بزعامة عبد العزيز آل سعود والحجاز بزعامة الشريف حسين، وفي أثناء الصراع وجّه آل سعود خطاباً إلىٰ أهل مكة وجدّة ضمّنه عهداً بأنّ يكون أمر «الحرمين الشريفين شورىٰ بين المسلمين وإلّا يمضى فيهما أمر يضرّ