164بإمكان المسلمين الآخرين القيام بواجب إدارة البلد؛ لأنّ قوانين الإسلام لا تعطل بحال من الأحوال.
ومن خلال المقابلة والمقارنة بين مكّة وسائر المدن والبلدان من هذه الجهة، نفهم أنّ الحق الذي يتساوى المسلمون جميعاً فيه بالنسبة إلىٰ مدينة مكة المكرمة ليس حقّاً عبادياً خاصاً بأداء مراسم الحج، وإنّما هو حقّ عبادي واجتماعي وسياسي شامل، وأنّهم جميعاً شركاء في حقّ تقرير مصير هذه المدينة التي جعلها اللّٰه عاصمة للتوحيد في الأرض، والمسلمون هم حمَلَة راية التوحيد وبالتالي فهم جميعاً أبناء هذه العاصمة، وهم مكيّون وان لم يقيموا فيها، ولو أن الحقّ المشترك للمسلمين في مكة كان حقاً عبادياً فقط لم يعد وجه لاستشهاد الأئمة عليهم السلام بهذه الآية في النصوص المروية عنهم في مسألة كراهة منع الحاج شيئاً من دور مكة، فإنّ هذه المسألة تدلل علىٰ أن الحق المشترك للمسلمين في مكّة أوسع من الجانب العبادي وأنه يشمل جانباً اجتماعياً.
صحيح أن الآية الذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّٰه والمسجد الحرام الذي. . . نزلت بشأن مشركي مكّة ومحاولاتهم منع المؤمنين من الطواف والعبادة في المسجد الحرام، لكن ذلك لا يقيد المساواة المجعولة في الآية الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ، فالجعل مطلق يعمّ العبادة وغيرها، وإن كان مورد الآية أمراً عبادياً خاصّاً.
وحتىٰ لو قلنا بأنّ المساواة المجعولة خاصة بالعبادة وشؤونها، فإنّ ذلك لا يقلل من شأنها، وذلك نظراً إلىٰ أن مكة مدينة قوامها العبادة وأساس وجودها ذلك بحيث لا تعرف إلّابها، وليس هناك مدينة تزيد عليها من هذه الجهة، وبالتالي فإنّ الإيمان بحق مشترك لجميع المسلمين بممارسة الشؤون العبادية في مكة يعني حقهم المشترك في تنظيم هذه الشؤون، وإدارة ما يرتبط بها من الأمور التي تبدأ من العبادة، ثمّ تصبح من خلال الحلقات المتصلة بها اجتماعية وسياسية، وهكذا يبدأ