112الغربيين، حول مكة المكرمة والمدينة المنورة، بالحيطة الشديدة، ولذا اتّسمت - في الأعم الأغلب - بالسرية التامة.
غير أن هناك تحركاً علنيّاً، هو الأول من نوعه، انفرد بروايته الكولونيل البريطاني «جيرالد ديغوري» ، إذ يتحدّث عن إقدام الصليبيين علىٰ مهاجمة الإسلام في عقر داره، بقطع طريق الحج إلىٰ مكّة، ومحاولة الاستيلاء على المدينتين المقدّستين، في حوالى سنة 1182 - 1183م، علىٰ عهد الشريف قتادة، وفي أيّام الخليفة المقتدر في بغداد.
فهو يقول: إن فارساً من فرسان الصليبيين الفرنسيين يدعىٰ «رينودي شاتيون» nollitahC ed duanyeR كان قد استولىٰ علىٰ بلاد شرقي الأردن وقلاع مؤاب والشوبك، شرقي البحر الميّت، فأصبح مسيطراً من هناك علىٰ طريق الحج إلىٰ مكّة المكرمة، فصارت تراود مخيلته خطة جريئة، يهاجم فيها الإسلام في عقر داره، ويحقّق آمال الصليبية. وفي السنة التالية خالف شروط الهدنة المعقودة مع المسلمين، وتوغل في جزيرة العرب حتىٰ وصل إلىٰ تيماء، فقطع طريق الحج، واستولىٰ علىٰ عدد من القوافل الغنيّة، غير أنه تخلّىٰ عن فكرته في مهاجمة المدينة بطريق البر، للاستيلاء علىٰ ما كان يؤمل وجوده من أموال ونفائس، في قبر النبي صلى الله عليه و آله، وقرر أن يفعل ذلك عن طريق البحر. .
وبعد قيامه بأفعال شنيعة، من إحراق السفن التجارية، وإغراق سفينة كبيرة كانت تقل عدداً كبيراً من الحجاج إلىٰ جدة. . قرّر صلاح الدين الأيوبي - يتابع ديغوري - أن يضع حدّاً إلى الأبد لهذا الخطر الذي صار يهدّد مكّة وغيرها، من المدن المقدّسة، فأمر بالاستيلاء علىٰ قصر رينو وقلعته، وبدأ حصاره بقيادته هو نفسه، في خريف عام 1183م، وفلت رينو من الحصار، علىٰ أنه لم يبق طويلاً علىٰ قيد الحياة، بعد حملته الفاشلة في البحر الأحمر، علىٰ كل حال، لأن صلاح الدين دحر الصليبيين سنة 1187م، في موقعة حطين بالقرب من الجليل، فسقطت في