252
رابعاً: السخط العام على الحكم الأموي:
واجه الحكم الأموي سخط عام من قبل المسلمين جميعاً وفي جميع الأمصار، واستشرى السخط العام ليمتد الى الأسرة الحاكمة نفسها والموالين لها، فتبرأت أمّ عبيد اللّٰه بن زياد من ابنها لاصدار أوامره بقتل الإمام الحسين عليه السلام وساندها في البراءة أحد أبنائها، ولاقىٰ يزيد استنكاراً شديداً من قبل نسائه ومن قبل أخواته، واستنكر يحيىٰ بن الحكم أخو مروان مقتل الإمام الحسين عليه السلام وأصاب الندم الغالبية العظمىٰ من قادة الجيش وجنوده الذين شاركوا في مقتل الحسين كعمر بن سعد وشبث بن ربعي 1.
كما استنكر البقية من صحابة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم مقتل الحسين عليه السلام ومنهم زيد ابن أرقم وواثلة بن الاسقع، وندم الكثير من المسلمين لعدم اشتراكهم في المعركة الىٰ جنب الحسين عليه السلام، خصوصاً أهل الكوفة والبصرة والمدائن، وأخذوا يعدّون العدّة للوثوب على الحكم الأموي في ثورة مسلحة، وقد اعترف يزيد بالسخط العام علىٰ حكومته، وحاول التنصّل عن جريمة قتل الحسين وإلقاء اللوم علىٰ عبيد اللّٰه بن زياد فقال: (بغّضني بقتله الى المسلمين، وزرع في قلوبهم العداوة، فأبغضني البر والفاجر) 2.
وقد اضطرّ يزيد إلىٰ إكرام الإمام زين العابدين، وارساله مع نساء الحسين الى المدينة بتبجيل واحترام ملقياً باللوم علىٰ ابن زياد، وهذه الأحداث جعلت أهل المدينة يشعرون بضعف الحكم الأموي وانحسار شعبيته في داخل الشام وحدها، خصوصاً أنه لم يتخذ موقفاً حازماً من تمرّد عبد اللّٰه بن الزبير في مكة وجمعه للأتباع والأنصار، فازداد شعور أهل المدينة بضعف الحكم الأموي، ممّا دفعهم للتخطيط الى القيام بثورة مسلحة.