251بصراحة مايختلج في خاطره من مفاهيم واعتقادات ومن أهداف أراد تحقيقها فتحققت أولىٰ خطواتها بمقتل الحسين عليه السلام، فحينما شاهد يزيد رؤوس الشهداء على المحامل لم يتمالك خواطره وأفصح عن سريرته في شعره الذي يقول فيه:
(لمّا بدت تلك الحمول وأشرفت
فأثبت يزيد أن دوافع قتل الحسين دوافع جاهلية تعود الىٰ طلب ثأر المشركين الذين قتلهم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم وأمير المؤمنين علي عليه السلام، وتأسف يزيد علىٰ قتلى المشركين في معركة بدر وتمنّىٰ حضورهم لمشاهدة أخذ الثأر فأنشد شعراً له أو لغيره متمثلاً به.
ليت أشياخي ببدر شهدوا
وقد أضاف ابن العماد الحنبلي بيتاً آخر ليزيد.
لعبت هاشم بالملك فلا
ملك جاء ولا وحي نزل 3
ومن خلال هذه الأشعار أفصح يزيد عن متبنياته الفكرية والعاطفية والسلوكية، وأعلن تحديه الواضح لأفكار المسلمين وعواطفهم، فأيقن أهل المدينة انحراف الحكم الأموي عن الإسلام وتخطيطه لعودة الجاهلية الىٰ مسرح الأحداث من جديد، فوجد أهل المدينة ان اصلاح الأوضاع القائمة لايتحقق من خلال المعارضة السلمية الهادئة، فلا جدوىٰ للقول ولامعول على الكلام، مالم يُتخذ موقف يتناسب وحجم التحدي، حجم المخاطر المحيطة بالاسلام وبالكيان الإسلامي، فكان الموقف هو الثورة المسلحة في أوانها.