250في جميع أدوار مسيرته التاريخية، فازدادت كراهية أهل المدينة خصوصاً والمسلمين عموماً للحكم الأموي بمقتل الحسين عليه السلام تلك القتلة المأساوية، من قتل للكبار والصغار وقتل بعض النساء، وما رافقها من تمثيل بجثث القتلىٰ، واقتياد بنات رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم سبايا الى الكوفة ثم الى الشام، وحمل رؤوس الشهداء على الرماح، وضرب عبيد اللّٰه بن زياد لوجه الحسين بالقضيب 1.
وتحدّى الحكم الأموي مشاعر أهل المدينة بنصب (رأس الحسين في المدينة) 2. وهو تحدٍّ سافر لهم، تحدٍّ لعواطفهم وأفكارهم، فوجدوا أنّ هتك حرمة الاسلام بمقتل سبط رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم لم يبق لأحد حرمة بعده، وممّا زاد في كراهيتهم ليزيد وتحريك ضمائرهم باتجاه التمرد علىٰ حكم يزيد قيام الإمام علي ابن الحسين عليه السلام وعمته زينب وزوجة أبيه الرباب باثارة المظلومية وابراز تفاصيل الظلم الذي تعرض له الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته، فحرّكت تلك المظلومية كوامن الغضب والكراهية وتحولت من طور القوة الىٰ طور الفعل والتحدّي العسكري، فتظافرت جميع الوقائع في انضاج الموقف الثوري، كما قال المسعودي: (ولما شمل الناس جور يزيد وعمّاله وعمّهم ظلمه، وما ظهر من فسقه، من قتله ابن بنت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم وأنصاره وما أظهر من شرب الخمور وسيره سيرة فرعون، بل كان فرعون بل كان فرعون أعدل منه في رعيته، وأنصف منه لخاصته وعامته. . . أخرج أهل المدينة عامل يزيد. . .) 3.
وقال الديار بكري: (إنّ أكابر أهل المدينة نقضوا بيعة يزيد لسوء سيرته، وأبغضوه لما جرىٰ من قتل الحسين) 4.
ثالثاً: الاستهانة بالمفاهيم والقيم الاسلامية:
لم يكتفِ يزيد بقتل الحسين عليه السلام وأهل بيته، بل ترقّىٰ في موبقاته ليعلن