216وقد حمل القرامطة الحجر الأسود إلى الإحساء، ويدلّ ذلك علىٰ أن ما ذكرته المصادر التأريخيّة من أنَّ القرامطة حملوا الحجر الأسود إلى البحرين أو هجر هو صحيح إذ إنَّ منطقة واسعة من شمال الجزيرة العربية اليوم كانت تدعىٰ بالبحرين أو الهجر حيث تقع الإحساء في داخل هذه المنطقة كذلك.
هذا، ولما خرج القرامطة من مكّة حاملين معهم الحجر الأسود والأموال التي غنموها من النّاس متوجّهين إلىٰ هجر، تعقَّب «ابن محلب» أمير مكّة من قبل العبّاسيين القرامطة مع جمع من رجاله وطلب منهم ردّ الحجر الأسود إلىٰ مكانه علىٰ أن يملّكهم جميع أموال رجاله. إلّاأنَّ القرامطة رفضوا طلبه مما اضطرّه إلىٰ محاربتهم حتّىٰ قتل علىٰ أيديهم (47) .
وكما قلنا سابقاً فالقرامطة يعتبرون أنفسهم جزءاً من الإسماعيلية، ولذا فقد خطب القرامطة في مكّة باسم عبيداللّٰه المهدي وهو نفسه أبوعبيد اللّٰه المهدي الفاطمي العلوي الذي خرج في أفريقيا، ثم كتبوا إليه كلّ ما حدث في مكّة. فكتب عبيداللّٰه المهدي جواباً شديداللهجة إلىٰ أبوطاهر القرمطي يقول فيه: لقد اعترتني الدهشة والعجب من رسالتك التي بعثت بها إليَّ إذ تمنُّ فيها عليَّ بأنّك ارتكبت جرائم وحشية باسمنا في حرم اللّٰه وأهله، وفي مكان لم ترق فيه قطرة دم واحدة منذ الجاهلية، ولم يُهن أهله أو تُنتهك حرمهم فيه. بل وتجاوزت حدّك بأخذك الحجر الأسود الذي هو يداللّٰه اليمنىٰ في الأرض فاقتلعته وحملته إلىٰ بلدك. فهل كنت تنتظر منّا الشكر والتقدير علىٰ عملك هذا؟ لعنة اللّٰه عليك (48) .
وقد أورد ثابت بن سنان نصّ ومضمون الرسالة بشكل آخر، إذ أرسل عبيداللّٰه المهدي كتاباً إلىٰ أبوطاهر القرمطي بعد أن اطّلع على الأحداث المذكورة يقبّح فيه عمله هذا ويلعنه علىٰ فعلته، فمن جملة ما كتب: «لقد لطّخت صفحتنا في التأريخ بنقطة سوداء لايمحوها مرور الزمن ولايزيلها غبار المحن. . . لقد وصمت