215وتوجّه إلى الحجر الأسود وأصدر أوامره إلىٰ رجاله بإخراج الحجر، فعمد أحدهم إلىٰ فأس وبدأ يضرب الحجر به وهو يقول: «أين الطيور الأبابيل، أين الحجارة من سجّيل؟» ولمّا قلعوا الحجر أخذوه ورحلوا إلىٰ بلادهم (42) .
وقد جاء في التكملة لتأريخ الطبري أنّ القرامطة سرقوا الحلي التي كان الخلفاء قد زيّنوا بها الكعبة وأخذوها معهم، ومن تلك الحلي «درّة اليتيم» التي كان وزنها أربعة عشر مثقالاً من الذهب، وأفراط مارية وقرون كبش إبراهيم عليه السلام وعصا موسىٰ والموزونة ذهباً، وطبق ووشيعة من الذهب وسبعة عشر قنديلاً من الفضّة وثلاثة محاريب فضيّة أقصر من الإنسان بقليل كانت موضوعة في صدر البيت (43) .
وقد قيل: إن كثيراً من العلماء المحدثين قتلوا أثناء الهجوم الذي قام به القرامطة على الحجّاج أثناء طوافهم، من جملتهم: الحافظ أبوالفضل بن حسين الجارودي وشيخ الحنفية في بغداد أبوسعيد أحمد بن حسين البردعي وأبوبكر بن عبداللّٰه الرهاوي وعلي بن بابويه الصوفي وأبوجعفر محمّد بن خالد البردعي (والذي كان يسكن في مكّة) (44) .
وذُكرَ أنّ أحد المحدّثين في ذلك الوقت أنشد بيتاً من الشعر بينما أحاطت به سيوف القرامطة:
ترى المحبّين صرعىٰ في ديارهم
كفتية أهل الكهف لايدرون كم لبثوا (45)
وقد ظلَّ القرامطة يرزحون في مكّة مدّة أحد عشر يوماً وقيل ستّة أيام وبرواية أخرىٰ سبعة أيّام، ورجعوا بعدها إلىٰ هجر مصطحبين معهم الحجر الأسود. ويقال: إن أربعين بعيراً هلكوا حينما أرادوا حمل الحجر الأسود، وبقي مكانه في الكعبة خالياً فكان النّاس يمسحون أيديهم بمكانه ويتبركون به (46) .