204ميمون ثقة، لايبقىٰ مجال للشك في منزلة ابن ميمون الجليلة، خاصّة بعد عِلمنا أنَّ كلّ كتب رجالاتنا لم تورد قدحاً في تعريفها لعبداللّٰه بن ميمون، ولو كان إسماعيلياً كما قيل، لما تردّد علماء الرجال في ذكر ذلك على الإطلاق، ذلك أنّ علماءنا في الرجال يمتلكون حساسية عجيبة تجاه الأشخاص المنتمين إلىٰ مذهب منحرفٍ.
ويقول الكشي بعد نقله حديثاً للإمام الباقر عليه السلام في معرض تأييده لعبداللّٰه بن ميمون: كان عبداللّٰه بن ميمون يقول بالتزيّد (كذا) (9) .
ولايعرف المقصود بكلمة «تزيّد» بوضوح، فربّما أراد معنىٰ أنّه كان «يحبّ زيداً» في حين ذكر البعض احتمالات وتفسيرات غير منطقية لذلك ولا علاقة لها به (10) . أضف إلىٰ ما قيل أنّ كل كتب الشيعة في شرح الملل والنحل أمثال فرق الشيعة للنوبختي والمقالات والفرق للأشعري، وخلال وصفهم للفرق الإسلامية كالإسماعيلية والقرامطة، لم يذكروا شيئاً بصدد ابن ميمون أو حتّىٰ ثابت بن سنان وهو أحد المعاصرين لحمدان قرمط، الذي ألّف كتاباًتحت عنوان «تأريخ أخبار القرامطة» فهو لم يذكر اسم عبداللّٰه بن ميمون البتة.
وعلىٰ أي حال وطبقاً للمصادر الشيعية فليست هناك أدنىٰ علاقة بين عبداللّٰه بن ميمون وبين القرامطة. فالشيء المسلَّم به هو أنَّ مؤسّس فرقة القرامطة وهي فرقة متفرعة عن الإسماعيلية، هو رجل يسمّىٰ حمدان بن الأشعث القرمطي الذي اعتزل جماعة محمّد بن إسماعيل بن جعفر بعد وفاة الأخير وأحدث فرقة متشعبة عن الإسماعيلية بعد أن أوجد آراء ومعتقدات خاصّة لهذه الفرقة. وطبقاً لما أورده ابن النديم فإن حمدان قرمط كان مشغولاً بالزراعة وتربية الحيوان في قرية تسمىٰ «قس بهرام» وكان رجلاً ذكيّاً، ممّا حدا برجل عالم مثل «عبدان» ، الذي صنّف كثيراً من الكتب باتّباعه وأرسل رسلاً ومبلّغين إلىٰ سواد الكوفة لنشر معتقدهم هذا (11) .