19تكون مدعاة لأبسط تغيير في شكل الحجّ.
فممّا لا شكّ فيه أنَّ أعمال الحجّ وأحكامه ومناسكه قد اتخذت قالباً وشكلاً تعبدياً ثابتاً وغير قابل للتغير، فحلال محمّد صلى الله عليه و آله و سلم حلالٌ إلىٰ يوم القيامة وحرام محمّد حرام إلىٰ يوم القيامة (56) .
ولكن في الوقت الذي تُرفض فيه عملية التمسّك بظاهر العبادة ونفي روحها وفلسفتها، فإنَّ أيَّ تدخّل أو تصرّف لتغيير الشكل الظاهري لتلك العبادة والأعمال والمراسم المتعلّقة بالحج، بحجة التفلسف والوصول إلىٰ أسرار وأهداف الحجّ ونتائجه القيّمة، محكوم بالرفض ومردود كذلك.
إنَّ مانبغيه في بحثنا هذا هو الابتعاد عن الإفراط والتفريط، واتّخاذ مسلك وسط بينهما والمبنيّ على الصراط المستقيم للتعبّد في جميع ظواهر الشّرع.
وبالرغم من سكوت الوحي في الإفصاح عن بعض تلك الأحكام وبيان حكمتها، وكذلك الحال بالنسبة إلى الحجّ وأبعاده المجهولة وجزئيّات أحكامه التي لم نتعرف بعد علىٰ فلسفتها وأسرارها. فإنّنا لا نتيح المجال للشكّ من الولوج إلىٰ داخلنا لمجرّد أنَّ فلسفة هذه الأحكام ليست واضحة، ولن نسمح لها بمساس إيماننا بحقّانيّة وضرورة التبعيّة وحتّى التقيّد بقالب وشكل لغة الوحي الخاصّتين.
وبالرغم من أنَّ العلم والتقنيّة في الوقت الحاضر كشفت عن كثير من الأبعاد التي ظلّت مجهولة في الأحكام الإلهيّة هذه، وفلسفة وأسرار قوانين السماء وفتحت - في هذا المجال - آفاقاً واسعة وجديدة أمامنا، فإنّنا لانعلم حدّاً لفلسفة الأحكام والقرارات الإلهية أو كونها نهاية المعرفة على الإطلاق (57) .
البعد المعنوي والمسيرة الرّوحانية للحج:
حين نطالع سيرة إبراهيم عليه السلام وحركته كما بيّنها لنا القرآن الكريم، ونتابع