18فيرتدّ الشيطان علىٰ عقبيه ويخسأ الخاسئون؟
العلم بفلسفة الأحكام لا يتنافىٰ وروح التعبّد:
إنَّ سيرنا قدماً للتحقيق في فلسفة الأحكام يتأتىٰ بعد تسليمنا ودون جدل بأنَّ الحجّ وفرائض الإسلام الأخرىٰ هي أوامر إلهية علينا تنفيذها دون تردّد أو نقاش، فيكون بحثنا هذا لا لتضعيف روح التعبّد بل تقويته لامحالة.
إنَّ تعرّفنا علىٰ فلسفة الأحكام ليست من أجل الحصول علىٰ تلك النتائج والمنافع والعِلل عبر أدائنا للفرائض، بل لكي تُنفّذ أوامر اللّٰه - والّتي نريد بها قصد التعبّد والتقرّب من اللّٰه عزّوجلّ وهو الدافع الأساس لعملنا هذا - بشكل يَدرّ علينا بالنتائج والآثار المذكورة آنفاً.
فهذا التفكُّر لايؤثّر لا على الإخلاص ولاعلىٰ روح التعبّد ولا يتسبّب في تضعيفه، ذلك أنَّ معرفة فلسفة ونتائج حكمٍ ما ليست دليلاً على العمل ولاهدفاً أو غاية له. إنَّ دليل العمل هو أمر الوحي، وهدفه وغايته هما التقرّب إلى اللّٰه وإطاعة أمره وعبادة الخالق (55) .
علاوة علىٰ ما قيل، فإنَّ الوحي نفسه قد فتح هذا الطريق أمام العقل، وقد ذكر الكثير من الأمور الفلسفية والآثار والغايات والمنافع المختلفة في القرآن الكريم لأحكام كثيرة، كتحريم الخمر، والقمار، والرّبا، والغيبة، وتشريع الحجاب، والقصاص، والشهادة، والحجّ، والصلاة، والصوم، وكذلك وردت تلك الأمور في مختلف الأحاديث النبويّة الشريفة، ولعلّ كتاب علل الشرائع للمؤلّف القدير الشيخ الصدوق عليه الرحمة كان مثالاً حيّاً لنماذج من هذه الأحكام.
والواقع أنّنا لا نعدّ ما توصلنا إليه عن هذا الطريق نهايةً لمطافنا، ولانطبع ما نصل إليه عن طريق العلم والعقل بطابع الأصالة، كما لا يمكن لفلسفة الحجّ أن