169ولمّا كان رضوان آقا أيضاً معهم، فقد قام بعد مدّة وأخرجَ دفتراً من جَيْبه وقرأَ اسم الشريف عبد اللّٰه وقاضي مكّة المكرّمة المعظّمة وشيخ الحرم ونائب ووالي البلدة المباركة وفقهاء المذاهب الأربعة وعشرين شخصاً آخرين كانوا مستخدمين في خدمة البناء، ولكلّ واحد منهم ألبَسَ خلعة وبعد ذلك خَتَموا مجلس البناء.
وفي اليوم الذي بُدِئَ بالعمل في قواعد أساس بيت اللّٰه الحرام، قام أحد فضلاء مكّة المكرّمة وألقىٰ قصيدة ارتجالية (رفع اللّٰه قواعد البيت) على المدعوّين المشار إليهم كما شُرِحَ. وبعد أن زارَ المدعوّون أساس بيت اللّٰه عديم الإندراس، واكتسوا بالخلعة داخل الحطيم الكريم، وجلسوا بمعيّة زوّار آخرين حول بيت اللّٰه وتلوا القرآن، عادوا.
وكان رضوان آقا يجمع الحُفّاظ وقرّاء القرآن كلّ يوم داخل المقامات الأربعة، ويبدأون بقراءة القرآن الكريم كلّه، وكان قد عيّن ثلاثة قُرّاء فقهاء يأتون كلّ يوم، ويقومون بقراءة سورة الفتح في الوقت الذي يبدأ العمّال فيه بالبناء. هذا وقد أضاف رضوان آقا باباً إلى المحيط والمكوّن من الألواح وسلَّم، مفتاح تلك الباب إلىٰ شخص عيّنه هو بنفسه، وكان كلّما فُتحت تلك الباب في الصباح كان القرآء الموجودون داخل المقامات الأربعة قد انتهوا من ختم القرآن المجيد، وإذا بُدِئَ العمل في جدران الكعبة، قام الحُفّاظ الموجودون في المقام الحنفي بتلاوة سورة الفتح المباركة. هذا وقد دامت تلك الأُصول والتقاليد حتّىٰ الانتهاء من بناء البقعة المشرَّفة لبيت اللّٰه الحرام، إذ كان القرآن يُختم كلّه في يوم واحد وتقرأُ سورة الفتح بعد ذلك. وكانت الأيام (26، 27، 28 من جمادى الآخرة) قد خُصّصت لتحضير الأدوات واللوازم الخاصّة بالأحجار المتعلّقة بالصف الثاني للبناء وترتيبها، ثمّ بُدِئَ بتنضيد الأحجار للصف الثاني في (29) من الشهر المذكور، ثمّ