16الحياة الإنسانية.
ولن نستند في بحثنا هنا - فيما يتعلّق بفلسفة الحجّ وأسراره - على النظرة العقلية والتفسير والتوجيه العقلانيّين، بل سنسعىٰ إلىٰ توضيح جزء من بحر لطائف وأسرار وأهداف ونتائج الحجّ الواسع مستفيدين من النّصوص الّتي بحوزتنا والمستخرجة من آيات الكتاب، ومتون الأحاديث ونتعرّف علىٰ جانب من روح وعقل هذه العبادة الجماعية.
ما الذي نستشفّه من فلسفة الحجّ؟
عندما نتعرّف علىٰ فلسفة وأسرار روح الحجّ، ونحصل على الأهداف العُليا لشريعة الإسلام المقدّسة من خلال هذه الفريضة المهمّة، فإنّنا حينئذ لن نسمح لأنفسنا بالاكتفاء في أداء مراسيم شكليّة وأعمال جافّة تنقصها الروحية المطلوبة، فنشهد سنوياً هدر كثير من الطاقات والإمكانات دون الاستفادة من الآثار العظيمة التي تخلّفها هذه المراسيم الجليلة في نفوسنا.
إنَّ بحث فلسفة الحجّ يمكننا من التعرّف علىٰ أنَّ هذا الحجّ هو حجٌّ صوريّ لا حياة فيه وعارٍ من الحقيقة والعبودية، وأنهّ حجٌّ جاهليّ، أو أنّه هو الحجُّ الإسلاميّ النبويّ المطلوب، وأنّه حجٌّ يُمكنه بحقّ أن يكون حجّة الإسلام، ومحتوياً علىٰ تلك الروح العظيمة والتأثيرات الإيجابية في طريق تحقيق الأهداف المتوخاة من حجّة الإسلام، وحجّاً يكون مَعْلَماً وحَلاًّ جذريّاً للفرد والأمّة علىٰ سواء للوصول إلىٰ الأسرار والنتائج الرفيعة.
لكنَّ الحجّ الذي يقام كلّ سنة، بتشريفاته وتشكيلاته وأصدائه الرّنانة وزخرفه الجذّاب، هذا الحجّ ليس فاقداً للروح المعنوية المطلوبة والمتوخاة منه، وليس خالٍ من الفلسفة وعارٍ من كلّ نوع من النتائج الإيجابية الخلّاقة وحسب،