15وشعيرة ظاهرية بحتة. إنَّ سبر أغوار ما ذكر من الأمور سابقاً يُجسّد لنا هذه الحقيقة وهي: أنَّ الحجّ يمتلك روحاً وعقلاً وفلسفة عميقة وراقية، وله أسرارٌ وحكمٌ ولطائف قيّمة جمّة وأهداف وفوائد ونتائج حياتية كبيرة، ألقت بظلالها علىٰ حياة الإنسان في البعدين المادّي والمعنويّ، وبالنفوذ ببصيرة إلىٰ أعماق تلك الأعمال الظاهرية. وبالوصول إلىٰ باطن تلك الأعمال يمكننا تفهّم إشاراتها والمشار إليه فيها على السّواء.
(
إنّ في ذلك لذكرىٰ لمن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد) (51) .
مصادرنا في الحصول علىٰ فلسفة الحجّ وأسراره:
إنَّ ميزة التفكّر والتعقّل اللتين هما رسول الإنسان في باطن وجوده، وإن كانتا غير عاجزتين عن البحث في فلسفة الحجّ وأسراره المعقدة والعميقة، والآثار الحياتية الكبيرة له وأهدافه في مختلف أبعاده، وكذلك بواسطة تحليل منطقي بعد التنبّه إلىٰ ماهية هذه المراسيم والمناسك والعناصر الأساسية المُشَكِّلة لها، والعلائق والكنايات والإشارات الخاصّة به، كلّ ذلك سوف يمكّننا حتماً من التعرّف على الكثير من هذه الحكم والأسرار. ولكن ونظراً لكون المعطيات والنتائج الحاصلة من ذلك هي عقلية بحتة، لاتخلو أن تكون تلك المعطيات ملوّثة بالإشكالات والهفوات و «دين اللّٰه لا يصابُ بالعقول» (52) ، ولذا فإنّنا اتّبعنا خطّ سيرٍ أكثر أماناً للحصول علىٰ فلسفة الحجّ وأسراره، وسنقوم ببحث وتقصّي أحكام وأسرار الحجّ بالاعتماد علىٰ نفس المصادر الّتي استخرجنا منها أحكامه ومناسكه.
ولحسن الحظّ فإنّ الوحي (الكتاب والسنّة) لم يتركانا سدًى في هذا المجال، حيث وضّحا لنا قسماً كبيراً من أسرار هذه العبادة وآثارها وأهدافها السامية في