157لن يؤمّن وصول جدران بيت اللّٰه الحرام إلى ارتفاعه الأوّل، وإذا لم يُصلّح ما بقي من الأحجار الأصليّة فإنّه وحسب قواعد الفن المعماري لن تستقر في أماكنها المناسبة، وأنّ إلصاق الجدار المائل بآخر جديد لا يجوز أبداً نظراً لعدم امكانية دوامه وبقائه. وأمّا اعتراضهم على تنظيف الحرم الشريف وتطهيره من الأحجار والطين وما إلى ذلك، فإن كان اعتراضهم هذا بسبب خوفهم من دخول الحيوانات والدواب إلى المسجد الحرام وهتكها لقدسيّة الحرم، فإنّه كذلك غير صحيح؛ لأنّ تلك الأحجار والطين لا يمكن نقلها خارج الحرم الشريف إلّا بواسطة تلك الدواب كما فصّلناه أعلاه، وأنّ تلك الحيوانات تقوم بهذه العملية في حوالى (30 - 40) ألف مرّة كلّ يوم وهو ما يصعب على الانسان تنفيذه ولو بمصاريف باهظة، وقد تطول مدّة التطهير إلى (5) أو (6) سنوات ممّا سيؤدّي إلى حرمان الحجّاج في تلك الفترة من الطواف وأداء مراسم الحج على النحو المطلوب، ولذا لا يمكن حتّىٰ للجاهل قبول ذلك أو تجويزه، وبما أنّه يجوز إحاطة الكعبة المشرّفة بالجدران الخشبيّة، وتنظيف الأماكن المهمّة وأداء التعظيمات الواجبة، حسب الفتاوى التي ذكرت في آخر هذه المقالة. وبما أنّ تدريس كتاب البخاري في داخل تلك البقعة المقدّسة غير جائز؛ لذا فإنّ رضوان آقا استند على تلك الفتاوى الصادرة من علماء المذاهب الأربعة وبدأ بالعمل بمقتضىٰ ماخُوَّل إليه.
وقد أطلع محمّد باشا والي مصر كما ذكرنا الباب العالي في اسطنبول على الواقعة المؤلمة لتهدّم بيت اللّٰه الحرام، كما أخبره بذلك الشريف مسعود في كتاب مفصّل، فقد أحدثت تلك الرسالة ضجّة كبيرة عند الباب العالي وأوصل الخبر إلى السلطان نفسه فأصدرت الأوامر إلى السيّد محمّد أفندي أنقروي (نقيب الأشراف) مطالبة إيّاه بالإشراف علىٰ تنفيذ الأعمال المطلوبة للبقعة المقدّسة