155منهم أن يفتوه في انّه: هل يجوز لمن يرسله البلاط العثماني أن يتولّىٰ مسؤولية تلك التعميرات أم لا؟
فأجاب العلماء الأعاظم من أهل الفتوىٰ وكان من بينهم شيخ الإسلام خالد بن أحمد المالكي، وعبد العزيز الزمزمي (مُفتي الشافعية) وأحمد بن محمّد آقا شمس الدين (مُفتي الحنفيّة) وعبد اللّٰه بن أبي بكر القرشي (مُفتي الحنابلة) ، بما يلي: «إنّ هذا العمل فرض كفائي، وكلّ من أخذ على عاتقه عمل ذلك فله الأجر والثواب» . وبعد صدور هذه الفتوىٰ بدأ رضوان آقا العمل طبقاً لتلك الفتوىٰ، وتهيّأ لإصلاح الأحجار المذكورة وترتيبها. إلّاأنّ الشيخ محمّد علي بن علان الذي كان على رأس المعترضين على ذلك كرّر اعتراضه وشجبه لتلك الأعمال، وحشَّد جمعاً غفيراً من الأهالي وأمرهم بمنع العمّال والنحّاتين من مواصلة أعمالهم ممّا حدىٰ برضوان آقا إلى استدعاء علماء المذاهب الأربعة ثانية، وشرح لهم المسألة بالتفصيل وطلب منهم أن يُفتوه بذلك. فذكر كلّ العلماء الحاضرين جملة:
«يجوز كلّ فعل ما دعت إليه ضرورة أو حاجة» وافتوا بجواز العمل بالتفصيل، واستطاعوا إقناع الحشود المعترضة، وإفهامهم الأمر على حقيقته، وانّه لابدّ من البدء بالعمل قبل وصول الأمر العثماني.
وجدير بالذكر أنّ المعترضين لم يكونوا ليعترضوا على إصلاح الحجارة، أو وضعها في أماكنها المناسبة بل كان اعتراضهم على غير ذلك كما ورد في كتاب قدّمه المهندسون وأبدوا ملاحظاتهم فيه. وإليك بعض الأسباب المجبرة التي استند عليها أولئك المعترضون:
السبب الأوّل: أنَّ الأحجار الساقطة من الأبنية المباركة لم تكن تصلح للاستعمال أبداً، لأنّ الكثير منها كان قد تعرّض للكسر، فلا يمكن والحال هذه تعمير بيت اللّٰه الحرام بتلك الأحجار، ولذا وجب احضار كميّة كافية من